القانون شيء والعدالة شيء آخر، فمن الممكن أن يكون القانون مُنحازاً أو تمييزياً ولا يضع في اعتباره أسُساً لعدالة، ولا احتراماً لكرامة انسان.
وقانون الجنسية على سبيل المثال، أعطى حقاً مطلقاً لا مراجعة فيه للسلطة الادارية بموجب المادتين 13 و14، بسحب الجنسية عن أي مواطن كويتي أو اسقاطها بموجب اسباب ومبررات تم ذكرها. لكن ما تجاوز القانون فيه يتمثل في عدم تحديد هوية الانسان بعد سحب جنسيته أو اسقاطها، فان تم ذلك الاجراء فالشخص المسحوبة جنسيته يصبح عدماً، حيث لا يحق له أن يكون «بدون»، أما الطامة الكبرى فانه لا يحق لذلك الانسان ان يعترض لأي جهة كانت، ولا يحق له اللجوء الى القضاء للحكم إن كان الاجراء المتخذ بحقه على أساس صحيح أم لا، وحيث ان هناك امكان ان تخطئ السلطة الساحبة للجنسية في اجرائها، فانه من المفترض أن يكون القضاء هو السبيل الوحيد للتعامل مع هذه الوضعية المؤسفة. في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي ووسط اجواء سياسية محتقنة ومشحونة، قامت السلطة الادارية بسحب جنسيات عدد من الكويتيين واغلبهم من حملة الجنسية بالتأسيس، وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، وتغير الظروف السياسية قامت ذات السلطة الادارية برد الجنسيات لمن سحبت هي ذاتها جنسياتهم، وهو امر مشجع، لكنها خطيئة أن تكون الجنسية تُسحب وتُرد بناء على تغير الظروف السياسية، والقصة لم تنتهِ بعد، فقد رفضت ذات السلطة اعادة الجنسية إلى أحدهم، هكذا بمزاجية مفرطة، خصوصا أن أولاده يحملون الجنسية وأصبح هو «لا شيء»، «عدم»، حتى ولا «بدون». كذلك في اعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2001 وفي اطار اوضاع سياسية مشدودة ومحتقنة، قامت السلطة الادارية باسقاط أو سحب جنسية سليمان بوغيث الذي اتضح انه الناطق الرسمي باسم تنظيم «القاعدة»، وكان مؤسفاً انه دار جدل عقيم بشأن مصير ابنته المولودة حديثاً، ان كانت ستعتبر هي ذاتها لا شيء، وتعرّض من تعرّض من عائلته للأذى والتضييق. الجنسية شأن سيادي، لا بأس، ومنحها يفترض أن يتم بناءً على أسس المصلحة الوطنية، لا جدال في ذلك، لكن القانون يجب أن يتم تعديله، والسلطة الادارية يجب تحصينها من المزاجية، والفئوية، والفساد، والتسييس. إن بقاء الوضع على ما هو عليه، هو أمر معيب، وضارّ بالمصلحة الوطنية، وغير انساني، ومناقض للدستور.
أخر كلام
إسقاط الجنسية
13-11-2008