الأمر الذي يستعصي على الفهم هو بدعة رقابة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الكتب بالاشتراك مع وزارة الإعلام صاحبة الاختصاص الأصيل، وأقول «رقابة الأوقاف» وأعنيها حتى لو قالت «الإعلام» أو «المجلس الوطني»، إن دور الأوقاف استشاري وغير ملزم.

Ad

أول العمود: اخرجوا إلى البر، فالأجواء جميلة هذه الأيام، انسوا الحكومة والمجلس... انظروا إلى القمر في الصحراء لينسيكم الاستجوابات وسحب الجنسية والمصفاة و«المشخال».

***

اليوم الأربعاء... حيث تنطلق فعاليات معرض الكويت الـ33، في ريعان شبابه «اسم الله حوله»، الذي كان قد ولد عام 1975 بقيادة رجل الدولة المثقف عبدالعزيز حسين يرحمه الله.

ما أن يفتح المعرض أبوابه في كل سنة، حتى ترى الغيورين على الحريات من أدباء ونشطاء وكتّاب ينهالون عليه بسهام النقد والتجريح، وكبت التفكير الحر الذي يأخذ منحى منع الكتب، وأظن أن هذا النقد يسبب حرجاً للقائمين على إدارته، فهم يسعون مع قائدهم الأستاذ الفاضل بدر الرفاعي إلى بذل ما هو جيد ومفيد للثقافة، إلا أن مسألة الرقابة على الكتب تأتي بأوامر من وزارة الإعلام صاحبة القرار في المنع والإفساح، فالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كمن يشيد حائطا جميلا، فيأتي مسؤولو الرقابة في وزارة الإعلام «ليخربشوا» عليه بالأصباغ والكتابات العبثيه التي لا يرضاها المجلس، فيتحول إلى حائط في حي شعبي.

بدر الرفاعي يصرح بأنه غير راض عن الرقابة على المعرض، لكنه مضطر لتطبيق قانون المطبوعات الذي يشمل أكثر من 13 بنداً من المحرمات، والحقيقة التي لا يمكن الجدال فيها أن حال المعرض في سنواته الأخيرة بدأت بالاحتضار بسبب الرقابة المفرطة، في مقابل ازدهار معارض الكتب في دول خليجية أخرى. والحقيقة الأخرى أن الجو السياسي السائد في الكويت منذ أكثر من ثلاثة عقود لا يساعد على نمو أي مشروع ثقافي حقيقي بسبب تزاوج مصلحة الحكومة مع الجماعات الدينية، فالأخيرة استطاعت أن تخلق لها عالما خاصا فيه من مقومات الحياة الكثير، فهم أسسوا لمعرض إسلامي سنوي للكتاب يخصهم وحدهم ومن دون أن تكون له صلة بفضاءات الثقافة الإنسانية... فهو معرض لكتب معينة ولرواد محددين.

الأمر الذي يستعصي على الفهم هو بدعة رقابة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الكتب بالاشتراك مع وزارة الإعلام صاحبة الاختصاص الأصيل، وأقول «رقابة الأوقاف» وأعنيها حتى لو قالت «الإعلام» أو «المجلس الوطني»، إن دور الأوقاف استشاري وغير ملزم، أقول بدعة لأنه إجراء طارئ لاسند قانونيا له، ويخالف قانون المطبوعات أصلا.

وإذا كان المجلس الوطني يخضع لوزارة الإعلام ويرضى مرغما بالرقابة بسبب القوانين المكبلة، فإنه مطالب بوقفه أمام رقابة وزارة الأوقاف «الاستشارية» التي تساهم في ما يمكن أن نسميه بمعرض حرق الكتب!