رئيس الوزراء القادم

نشر في 16-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 16-03-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار سؤال المليون دينار هذه الأيام هو من يا ترى سيكون رئيس الوزراء القادم؟

فالاحتمالات والخيارات والسيناريوهات إن شئت ليست كثيرة أمام سمو رئيس الوزراء، فهي إما صعود أو نزول أو منزلة بين المنزلتين، فأما الصعود فهو للمنصة ولا يبدو أنه سيتحقق، وأما النزول فهو بالاستقالة، وهو كذلك لا يبدو أنه سيتحقق ويبقى الاحتمال الأخير وهو المراوحة والتكتيك الذي قد يقود إلى الحل الدستوري والانتخابات المبكرة خلال 60 يوماً.

فالتهديف أصبح بصواريخ بعيدة المدى على سمو الرئيس، وبرداً وسلاماً على الوزراء، فإن كانت الانتخابات على الأبواب، فمن المقرر أن تتحول الحملة الانتخابية إلى مسلخ لسمو رئيس الوزراء، وسيتحول العدد المحدود من النواب إلى عشرات بل مئات المرشحين الذين سيستهويهم تحويل سمو الرئيس إلى هدف محتوم.

وستنتهي الانتخابات، وتتثبت وجوه، وتغيب وجوه، وتأتي وجوه، فلا دايم إلا وجهه، وربما يعود سمو رئيس الوزراء إلى منصبه وربما لا يعود، فذلك على أية حال أمر يقرره صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله.

وسواء عاد سمو الرئيس أم لم يعد، فإن حقبة الشهور الماضية قد خلقت استحقاقاً سياسياً لا يمكن إعادته إلى الوراء، وهو أن أي رئيس وزراء قادم عليه أن يدرك ويستوعب أنه معرض ومطالب أن يتعامل مع منصة الاستجواب، ولم يعد خطاً أحمر.

شيكات من السماء

لا أدري مدى صحة تسلُّم 6 نواب مبالغ متفاوتة من مكتب رئيس الوزراء، فلديّ أسماء النواب الستة، ومن غير الواضح لماذا يتسلم نواب في السلطة التشريعية أموالا من السلطة التنفيذية، وهو فعل لا يتفق مع استقلالية السلطات، كما أنه عمل يتعارض مع مبادئ الشفافية، خلافاً عن أنه يثير الكثير من الشبهات والتساؤلات «لا يجوز السكوت عنها ودسها تحت السجادة».

تمويل الحكومة ودعمها مرشحين ونواباً معينين مسألة قديمة، والأحاديث حولها كثيرة، وهي واحدة من أخطر وسائل وأدوات تخريب الديمقراطية بالكويت، «وعادة لا تترك مثل هذه الأمور أثراً، بل تُترك للخيال».

ولعلي أتذكر جيداً ما جرى في انتخابات عام 1981 من إسهال مالي غير مسبوق لإقناع أكبر عدد من المرشحين لخوض الانتخابات، وإذ إن تلك الانتخابات كانت أم الخمس والعشرين دائرة، وكان الهدف منها تنقيح الدستور فقد تم فيها «شق الجربة»، وإذ إن عدد المرشحين الذين تم دعمهم كان كبيراً جداً وأغلبهم جدد على «الكار» و«عليمية» في التعامل مع سخاء الحكومة، فقد كانوا في الأغلب هم مصادر المعلومات غير مصدقين وفرحين جداً بهذا الاهتمام الحكومي بهم، أحدهم كان يتندر بقوله: «أخذت فلوسهم وحطين لي خيمة بدون حارس وبدون عشاء وثلاث لافتات»، ثم يختم بقوله: «رزق ونزل من السماء، والا أنا شكو بالانتخابات».

إلا أن الحقيقة هي أن تلك الأموال لم تنزل من السماء، بل كانت مالاً سياسياً استخدمته الحكومة لتخريب الديمقراطية.

وتبقى حكاية انتخابات 1981 مثالاً لما جرى عبر السنين، ولا يقتصر بالتأكيد على مبالغ نقدية، بل بفتح الواسطات والمعاملات على مصراعيها، والمكافآت «العينية» التي لا نهاية لها، ودون مراجعة وكشف هذا الملف فإن ديمقراطيتنا المزعومة ستظل عرجاء وربما كسيحة.

back to top