الدوائر الخمس عصفت بأحلام الكويتيين... وكرّست القبلية والمذهبية والمال السياسي نهاية غير سعيدة للعرس الديمقراطي... ومرارة الجهراء دليل الفشل
أظهرت نتائج النظام الانتخابي الجديد وفق الدوائر الخمس سيادة التحالفات وتفوق الكتل السياسية، بينما زادت النعرة القبلية والاصطفافات المذهبية والطائفية، وكشفت عدم اكتمال النضج السياسي «للمرأة» الكويتية، عندما فشلت في إيصال سيدة إلى المجلس عندما سنحت لها الفرصة.
انتهى العرس «الديمقراطي» ولكن ليس بالنهاية السعيدة والمتوقعة التي تحقق آمال المواطنين وأحلامهم، وتكون دافعا لطموحاتهم، بل على النقيض، وخذل النظام الانتخابي الجديد كل التطلعات والآمال المرجوة منه، التي تمثلت في تراجع أعداد المقترعين، نظراً إلى شعورهم بالاحباط الشديد واليأس من المجلس الجديد، علاوة على فشل المرأة التي أكدت عدم اكتمال «نضجها» السياسي وتابعيتها.«الجريدة» رصدت آراء جمعيات النفع العام الكويتية، التي أكدت «إخفاق» النظام الانتخابي الجديد، وما حمله من استمرار وتفاقم للسلبيات التي كانت تعانيها البلاد من الأنظمة الانتخابية السابقة، من عصبية قبلية ونعرات طائفية ومذهبية وفرعيات وظاهرة المال السياسي.فرصة للعودةأمين عام المنبر الديمقراطي عبدالله النيباري رأى أن مخرجات الانتخابات في ظل نظام الدوائر الخمس غلب عليها طابع الحزبية والعائلية والطائفية والولاء للكتل السياسية، فتمثل شعار الانتخابات هذه المرة في الولاء القبلي والعائلي والطائفي، واعتبر انه رغم كل هذه الظروف، هنالك فرصة للعودة إلى النهج السليم والصحيح وتفادي أخطاء الماضي وإعادة الأمل مرة أخرى من جديد، عن طريق تشكيل حكومة قوية تفرض هيبتها منذ الوهلة الاولى، تتمسك بتطبيق القانون، وتكون ممسكة بكل أطراف النزاع السياسي، على ان يكون هناك خطاب سياسي جديد يعود بالنفع والمصلحة العامة على الوطن والمواطنين.وأوضح النيباري أن أبرز إيجابيات النظام الانتخابي الجديد، تمثلت في تراجع وإخفاق كثير من قوى الفساد، التي كانت سبباً رئيسيا في زيادة الاحتقان وإذكاء الصراع داخل المجلس السابق، وتفاقم التأزيم بين المجلس والحكومة، مما أدى الى الحل. مشيرا الى أن الموقف داخل المجلس الجديد ليس محسوما بعد، ويعتمد على مواقف الكتل والنواب داخل المجلس وطريقة الطرح، وأهم القضايا التي من الممكن أن تعيد النزاع والتأزيم من جديد، كاستخدام بعض الاعضاء الوسائل الدستورية بصورة سيئة.التعقل والرشدوأكد النيباري أن المواطنين يأملون مجلس أمة جديداً في كل شيء، في طروحاته وقضاياه واستجواباته، رافعاً شعار «التعقل والرشد» والوصول إلى مرحلة النضج السياسي التي تمكنهم من تحقيق طموحاتهم ورغباتهم. أي أن الامل مرهون بتصرفات الاعضاء. واعتبر وجود كتلة «سلفية» كبيرة داخل المجلس الجديد أمرا يدعو إلى التخوف الكبير والقلق من طروحاتهم المستقبلية، وهل ستكون دافعة لعجلة التنمية والاصلاح؟ أم ستغدو عائقاً وحائط سد أمام عمليات التقدم والتطور، وتؤدي إلى إعادة التأزيم من جديد؟. وزاد النيباري: «أخشى أن تكون طروحات النواب داخل المجلس الجديد مرآة عاكسة لطروحاتهم في ندواتهم الانتخابية، لما حملته بعض الطروحات من سب وقذف تجاه رموز من الوطن مشهود لهم بالعمل السياسي، ونحن الآن في مرحلة انتقالية ونأمل أن نتجاوز الأوضاع السابقة».تعزيز القبلية والطائفيةوأكد نائب رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان علي البغلي أن مخرجات الانتخابات مع وجود النظام الانتخابي الجديد كانت صدمة لنا ولكل أبناء المجتمع الكويتي بجميع أطيافه، لما حملته من تعزيز روح العصبية القبلية وزيادة الطائفية، فلم تحدث التغيير المرجو والمنتظر، بل على النقيض، ضخمت مثالب النظام الانتخابي القديم، مشيرا الى أن إخفاقات النظام الجديد ظهرت في محافظة الجهراء، مستغرباً كيف لمحافظة كاملة تعد من أكبر محافظات الكويت الـست، تعداد ناخبيها يتجاوز الـ35 الف ناخب، وكان في بعض الاحيان يخرج منها أربعة نواب من «فطاحلة» العمل السياسي في الكويت، كيف لها أن يؤول بها الحال إلى الاخفاق وعدم فوز أي نائب منها؟! لافتاً إلى أن أهالي الجهراء، يتجرعون الآن مرارة النظام الجديد.واستطرد البغلي: «إن النظم الانتخابية القديمة سواء الـ10 دوائر أو الدائرة الواحدة، أفضل بكثير من النظام الانتخابي الحالي، مؤكداً أن هذه هي خيارات الشعب وعلينا احترامها كل الاحترام رغم عدم رضانا عنها»، وقال: «نحن ضد التأزيم وضد أي نواب يحاولون الوصول الى هذه المرحلة، وضد دغدغة مشاعر المواطنين باستخدام النبرة القبلية والطائفية أو الشعارات الرنانة».وأضاف: «لسنا من مشجعي الحل، لكن اذا عاد نواب التأزيم من جديد وزادت عمليات الاحتقان مرة أخرى وبلغ السيل الزبى فسيكون الشعب بكل أطيافه مرحبا بقرار الحل حتى لو كان غير دستوري». وأوضح أن «التجمع السلفي هو جزء مهم من نسيج الامة، وأن أبناءه هم أبناء الكويت أيضاً، ولهم قاعدة شعبية عريضة على الساحة السياسية الكويتية، ونحن نحترمهم ونقدر قناعاتهم، ولكن يجب عليهم احترام معتقدات الغير أيضاً وقناعاته، وهذا من باب حرية العقيدة، وعليهم التمتع بالوسطية والحيادية وقبول الرآى الآخر، وأن تأخذهم عين الحكمة فلا ينجرفوا وراء القضايا التي تتسبب في اختلاق الازمات». ووجه حديثه الى التيار السلفي قائلاً: «يجب أن يعلم «السلف» أن المجتمع الكويتي ليس مجتمعاً سلفياً».هذه هي الديمقراطية أمينة سر جمعية الخريجين مها البرجس أكدت أن صناديق الاقتراع قالت كلمتها الاخيرة، وحددت ممثلي الامة بناء على خيارات الشعب وعلينا احترامها وتقبلها على الرغم من عدم رضانا عنها، وان كنا توقعنا مخرجات أفضل من ذلك بكثير، واستبعدت البرجس الحل «غير الدستوري» متوقعة استمرار عمليات التأزيم بين المجلس والحكومة، وناشدت الاعضاء وضع مصلحة الكويت أولا وقبل كل شيء، والبعد عن الطائفية والقبلية والمذهبية، ودعت بعض النواب إلى عدم الخلط بين الدين والسياسة، لأن هذا الخلط هو الاخطر والاصعب في الحياة السياسية. واوضحت البرجس أن البلد يتراجع في كل شيء، والقضايا الصغرى أصبحت أولويات ولها الاهمية الكبرى وطفت على السطح السياسي الكويتي «التوافه» والثانويات التي بدورها خلقت الأزمات السياسية في البلاد، وابتعد بعض النواب عن القضايا العامة التي تعود بالنفع على الكويت، وقالت إن البلد «حاله واقف» والكل يعلم ذلك من تراجع العملية التعليمية وتردي الاوضاع الصحية وسوء المرافق العامة والبنية التحتية، مؤكدة أن هناك دراسة تقول إن المعدل الفعلي لساعات العمل في الوزارات والقطاع الحكومي الكويتي وصلت إلى 5 دقائق يومياً من اجمالي ساعات العمل الـ8، وهذه كارثة خطيرة يجب الالتفات اليها.وأشارت البرجس الى ضرورة تعزيز مبدأ الديمقراطية، لان بعض الاعضاء لا يفهمون مبدأ الديمقراطية بصورة صحيحة، الذي يعني تقبل الرأى الآخر وتقبل آراء الاغلبية، وناشدت نواب التأزيم الترفع عن هذه الازمات، ويكفينا القضايا الاقليمية بنزاعاتها وصراعاتها، وعن دور المرأة في العملية الانتخابية قالت: «هذه ثاني مرة تشارك المرأة في العملية الانتخابية والكل توقع تمثيلا نسائيا في داخل البرلمان، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، مما أدى الى اصابة بعض المواطنين بالاحباط واليأس لتوقعهم النتائج التي ستؤول إليها الانتخابات» وزادت: «البلد يذوب ويجب الانتباه، ويجب أن تتكاتف وتتحرك جميع القوى السياسية الموجودة على الساحة الكويتية الآن». الأسوأ في تاريخ الكويتعضو جمعية المهندسين الكويتية نايف صالح أبدى استياءه الشديد من عمليات الفرز الآلي، مؤكداً أنها الاسوأ في تاريخ الكويت، واصفاً عمليات الفرز الآلي بأنها حق أريد به باطل، ورأى انه كان لابد أن تدار الامور بحكمة أكبر، مشيرا الى أن مخرجات الانتخابات في ظل وجود الدوائر الخمس لم تحقق المنتظر منها بل عززت الطائفية والقبلية وزادت «الفرعيات»، داعياً الحكومة الي ضرورة إعادة صياغة قانون الانتخابات، وأوضح أن عملية الفرز الآلي تسببت في ضياع محافظة الجهراء، وبات سكانها ثائرين ويشعرون بالظلم من تقسيمة الدوائر الخمس، مناشدا الدولة بضرورة دمج مناطق محافظة الجهراء، مع مناطق أفضل لا تقوم على «الفرعيات» والتحزبات القبلية، وتمنى من الدولة إعادة صياغة قانون الدوائر الخمس، وأن تكون الكويت دائرة واحدة. ورأى صالح أن عمر هذا المجلس قصير، ولن يتعدي السنتين، والاحتقان مازال قائما والخلافات موجودة بين السلطتين، متسائلا هل ستحقق مخرجات الانتخابات هذه المرة دعوة سمو أمير البلاد بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، مؤكداً أنه في ظل وجود هذه المخرجات لا يعتقد حصول أي تقدم، بل سوف تصبح الامور مستحيلة.إحباط الجهراءقال عضو جمعية المهندسين نايف الصالح أن مؤتمراً عُقد في الجهراء قبل أيام لأبنائها لمناقشة ما آلت اليه الاوضاع، ومن المستفيد مما حصل؟ وأوضح أنه بالاثباتات هناك تقصير وتراخ من القائمين على العملية الانتخابية وعمليات الفرز.وأضاف صالح أن الناخبين أصابهم اليأس للدرجة التي يقول فيها الناخب في قرار نفسه: هل صوتي أنا سيغير شيئا في ظل زيادة تعداد الناخبين، واتساع المناطق، مما يؤدي إلى عدم ذهابه إلى الاقتراع، أي صار الصوت لا يمثل إليهم أي شيء، وذكر أنه حتى الساعة الـ2 بعد الظهر من يوم الاقتراع لم تتعد نسبة المقترعين في الجهراء 11 الف ناخب، وهذا دليل على الاحباط الشديد، مناشداً الدولة بضرورة التدخل وإيجاد حلول لهذه المشكلة قبل فوات الأوان.تعليقاتتخوّف من وجود كتلة سلفية كبيرة داخل المجلسعبدالله النيباريسنرحب بقرار الحل لو استمر نواب التأزيم في تصرفاتهمعلي البغلينستبعد الحل غير الدستوري ونتوقع استمرار التأزيممها البرجسالناخبون أصابهم اليأس والاحباط... وعلى الدولة التدخلنايف الصالح