«ارتفاع معدلات التضخم يشير إلى الحاجة لتفعيل دور السياسة المالية للحد من تنامي معدلات الطلب المحلي الذي يغذيه استمرار زيادة معدلات الإنفاق الجاري». (كونا 8 مايو)
«على راسمي السياسات الاقتصادية تجنب الزيادات العامة في الأجور والتحويلات». (الراي 10 أغسطس) محافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح«أبرز التحديات التي تواجه الكويت هي عدم انسجام السياستين النقدية والمالية». (القبس 31 أغسطس) النائب السابق لمحافظ البنك المركزي نبيل المناعي«لا شك أن أي توسع في الإنفاق الجاري له أثر سلبي على التضخم». (الراي 7 سبتمبر) رئيس اتحاد المصارف الكويتية عبدالمجيد الشطي«عندما استسلم بوصالح لنزوته أو عشقه، أوكل بيع ثلجه السريع الذوبان لابنه صالح. باع صالح الثلج واستخدم كل حصيلته في شراء السبال... فحاضرنا ومستقبلنا مرهونان باجتهادات صالح». (الجريدة 8 سبتمبر)الاقتصادي جاسم السعدون مشبهاً قصة «درب الزلق» بسوء إدارة الثروة في الكويت.إن لم تكن تحذيرات أربعة من أعمدة الاقتصاد الكويتي من خطورة التوسع بالإنفاق العام، بعكس توجه السياسة النقدية للجم التضخم، كافية للحكم والحكومة والبرلمان ليعيدوا توجيه السياسة المالية نحو ترشيد الإنفاق، فلا أدري ماذا سيكفي؟! في الدول «السنعة» جملة واحدة تخرج من فم محافظ البنك المركزي تهز الاقتصاد، ويبني عليها الناس قراراتهم بالشراء والاستثمار والادخار، أما عندنا، فتحذيرات المحافظ ونائبه ورئيس اتحاد أكبر قطاع في السوق والخبير الاقتصادي الأول في البلد تمر عابرة لا تهز طرفاً لأحد.الناس تشتكي من ارتفاع الأسعار، والحكومة «تحك رأسها» متظاهرة بجهلها الأسباب، بينما توزع رزا ومعكرونة شارفت صلاحيتها على الانتهاء وتسميها بإذلال «هدية» والبرلمان والجمعيات والنقابات في مزاد ديماغوجي لتوزيع الثروة. تلك السياسات والمطالبات هي السبب. نعم، زيادات الـ50 و120 والمنح الأميرية والكوادر وصندوق المعسرين ومطالبات إسقاط القروض وميزانية الدولة القياسية (19 مليار) هي التي رفعت سعر الرز والمعكرونة، فعندما يتم إغراق السوق بهذا الكم من «الكاش» في أقل من ثلاث سنوات وتحريض الناس على التهور بالاستهلاك فلا عجب من أن يرتفع معدل التضخم إلى 11 في المئة. ليست علم ذرّة، بل أبجديات الاقتصاد التي درسناها في السنة الأولى من الجامعة.في مذكراته الشيقة، خصص آلان غرينسبان -رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السابق- فصلاًً عن علاقته بوزير الخزانة روبرت روبن، وكيف استطاعا التوفيق ما بين سياسة غرينسبان النقدية وسياسة روبن المالية، باعتبار الأولى فنية والثانية مرتبطة بوعود انتخابية. وكيف أن انتماءهما إلى حزبين مختلفين لم يثنهما عن تغليب مصلحة الدولة، فعملا بتعاون وتناغم على وضع الولايات المتحدة في موقع القيادة مع دخول عصر العولمة وثورة المعلومات، وقادا جهود احتواء الأزمات المالية التي ضربت المكسيك وروسيا وآسيا وأميركا اللاتينية في أواخر التسعينيات، والعالم إلى اليوم مدين لهما.إذن في ظل التحديات الاقتصادية المحدقة بالكويت، هل من المستحيل أن تكف التجمعات السياسية عن التكسب والتنافس على تبذير ثروة البلد؟ وهل من المبالغة أن نحلم بحكومة تتخذ خطوات اقتصادية تصحيحية؟ وألا يوجد نواب يحاسبونها على تهورها في الإنفاق العام؟ وألا توجد نقابة أو جمعية تصارح أعضاءها والمجتمع بخطورة مطالباتهم المالية المتنامية؟ أمننا الاقتصادي يا جماعة لا يحتمل ما تقومون به.Dessertما ننفقه اليوم ليس «فائضاً مالياً» كما يروج له، بل هو من حساب التوفير لأجيال المستقبل. نحن كالجد الذي يسرق الدينار من جيب حفيده.
مقالات
جد يسرق أحفاده
11-09-2008