التاريخ السياسي للأحذية!
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
في العراق تحديدا كان للحذاء وللقندرة دور مهم في الخطاب السياسي، ولعلنا نتذكر «الهوسة» العراقية المشهورة:«نوري السعيد يا قندرة..صالح جبر قيطانها». وحيث ان اشهر حذاء سياسي في التاريخ كان حذاء الرئيس السوفييتي نيكيتا خروتشوف اثناء القاء خطابه امام الجمعية العامة في نيويورك عام 1960، إذ اخذ يخبط بحذائه بقوة على المنصة انزعاجا من اعتراضات الولايات المتحدة وحلفائها، وعندما غادر المنصة ترك حذاءه عليها، فدخل ذلك الحذاء التاريخ. بل صنع تاريخا سياسيا للاحذية، ولم يوضح لنا المؤرخون ان كان خروتشوف قد غادر المنصة حافيا ام ان ذلك الحذاء ربما كان حذاء سائق سيارته وقد استخدمه للاستعراض ليس إلا.كذلك فقد دخل جون ريد الذي اشتهر باسم «الرجل الحذاء»، التاريخ حين حاول ادخال بودرة تفجير داخل حذائه، مما أدى الى ان تتضمن الاجراءات الامنية في المطارات خلع الحذاء، وكأن المسافر معزوم على عشاء «مندى» على الارض.ويتخصص بعض لصوص الاحذية في سرقة احذية السياسيين، وتتمثل الفرصة الذهبية بالنسبة اليهم خلال صلاة الجمعة، وقد حدثت عدة حوادث من هذا النوع اخيرا، حين سرق حذاء مسؤول كبير خلال صلاة العيد، وحيث انه كان يعتزم السفر مباشرة بعد اداء الصلاة فقد اضطر الى الاستعانة «بنعال» السائق. وبسبب سرقات الاحذية والنعال اثناء الصلاة، فقد قيل قديما «حط نعالك جبلة.. لا يبوقك السفلة».وتبقى الاحاديث عن الاحذية وعلاقتها بالسياسة متشعبة وكثيرة. ولربما لو كان منتظر الزيدي مرتديا نعالا نجدية لكان وضع الرئيس بوش مختلفا. ولا اعرف ما طبيعة الاجراءات الامنية المستقبلية للمؤتمرات الصحافية لكبار المسؤولين بعد حادثة بغداد، هل سيشترط دخول الصحافيين حفاة، مثلا؟ أم انه سيتم تركيب «كابح» حول الاحذية منعا من استخدامها في اغراض غير المخصصة لها، وهي المشي والمشي فقط، ولا استطيع تخيل وضع كبار المسؤولين اثناء مؤتمراتهم الصحافية كلما انحنى احد الصحافيين لربط حذائه او التقاط شيء وقع منه على الارض.حذاء منتظر الزيدي دخل التاريخ، وأفسد رمزيا زيارة كان مقررا لها ان تعيد شيئا من المساحيق للسياسة الاميركية، فهل سيستوعب الرئيس بوش وغيره من السياسيين ما هي مشكلة منتظر الزيدي؟