العلاج في الخارج... رحلة معاناة لا تنتهي!
رحلة معاناة طويلة يمر بها المريض وذووه إلى أن يحصلوا على حقهم في العلاج بالخارج، وتبدأ أولى هذه المراحل مع اللجان التي تعمل في المستشفيات، تعقبها رحلة أخرى مع اللجة العليا للعلاج بالخارج، ومن هنا -حسب المراجعين- تبدأ المعاناة للحصول على الإذن بالسفر لتلقي العلاج خارج الكويت.ربما لا نبالغ إذا قلنا إن ملف العلاج بالخارج هو أكثر الملفات سخونة بين وزارة الصحة والسلطة التشريعية، فعدد من النواب يتهمون الوزارة (إدارة العلاج بالخارج) إبتعاث من لا يستحقون على حساب مرضى يستحقون السفر، وفي هذا الإطار تسود حال من التذمر بين النواب، من طريقة تعامل الوزارة مع قضية العلاج بالخارج، إضافة إلى قضايا الابتعاث نفسها والدول التي يُبعثون إليها، ناهيك عن التأخير المبالغ به في المرضى والإجراءات الروتينية والمعقدة في عمليات التسفير.
وقد يكون الإهمال الصحي داخل المستشفيات والمراكز الصحية ونقص الخدمات الطبية، هما السبب وراء تنامي قضية العلاج بالخارج بشكل كبير، فعدد من النواب أشاروا إلى أنه «رغم الميزانية الكبيرة التي تخصص لوزارة الصحة والتي تتجاوز المليار دينار، إلا أنها لا تقدم الخدمات المتكاملة لعلاج المواطنين، مما يدل على عدم جدية الوزارة في معالجة قضايا المواطنين والتراخي في توفير ما يحتاج إليه المواطن من خدمات صحية».معاناة ومحسوبية وواسطة وعلى الرغم من أن وزير الصحة علي البراك قال لـ«الجريدة» «إنه سيعمل على إصلاح (الخلل) الموجود في العلاج بالخارج»، ودعا أعضاء اللجنة العليا للعلاج بالخارج إلى عدم الاستجابة للضغوط الخارجية والواسطات، لقطع الطريق على من لا يستحق السفر للعلاج على حساب مستحقي العلاج، إلا أنك حينما تذهب إلى إدارة العلاج بالخارج الكائنة في منطقة الصباح الطبية، لا تجد سوى الازدحام والتندر من قبل المرضى وذويهم وهم من كل الأعمار، أطفالا ورجالا ونساءً وكهولا، وقاسمهم المشترك هو الشكوى من البيروقراطية والمحسوبية والواسطة. «الجريدة» ذهبت إلى مقر الإدارة وتجولت بين المرضى والمراجعين الذين أكدوا أنهم «يقفون في طوابير منذ الصباح الباكر»، وانتقدوا عمل لجنة العلاج بالخارج، مؤكدين أنها تعمل بانتقائية كبيرة ولا تتعامل مع الحالات بالشكل اللائق.أحد المراجعين قال لـ«الجريدة»: «أخي مصاب بمرض السرطان ورغم أن مركز حسين مكي جمعة أعطاه تقريرا يؤكد عدم قدرة المركز على علاجه داخل الكويت ومن ثم ضرورة سفره للعلاج في الخارج، فإن اللجنة تماطل في سفره ولا يعرف أيضا سبب هذه المماطلة. في حين قال آخر «إن ابنه الذي لا يتجاوز الثانية من عمره يعاني تشوهات خلقية على الرئة، ورغم أن تقريرا طبيا من الطبيب المعالج في مستشفى ابن سيناء أكد له احتياج ابنه إلى العلاج بالخارج، فإن اللجنة رفضته ثلاث مرات ولا يعرف سبب الرفض»، مشيرا إلى أن الموت سيكون مصير الولد الذي قال إنه يصارع الموت بسبب تخبط عمل اللجنة. رجل كهل تجاوز الستين من عمره اشتكى طريقة التعامل التي يلقاها داخل اللجنة، مؤكدا أن هذه هي المرة السابعة التي يعرض فيها على لجنة ولكن من دون جدوى، مشيرا إلى أن قلبه الآن يعمل ب%23 فقط من قدرته، علما أن الأطباء المعالجين له شددوا على ضرورة سفره للعلاج في أحد المستشفيات الأميركية، لكن اللجنة تماطل في ذلك. ميزانية العلاج بالخارجبلغت ميزانية العلاج بالخارج 28 مليون دينار في عام 2005/2006، فيما ارتفعت إلى 60 مليون دينار في العام المالي 2006/2007، وكشفت مصادر من داخل الوزارة لـ«الجريدة»، أن ميزانية العلاج بالخارج للعام المالي 2008/2009 نحو 325 مليون دينار تمثل مخصصات للعام الحالي وعدة سنوات سابقة.ومن قراءة أنواع الأمراض التي تحصل على فرصة للعلاج في الخارج، نجد أن مرضى السرطان يأتون في المرتبة الأولى يليهم مرضى القلب، وأكثر الدول التي يذهب إليها المرضى للعلاج هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، كما أن المكاتب الصحية الكويتية تنتشر في عدد من الدول الغربية والعربية.وكان وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون المالية والخدمات عبدالفتاح العسماوي قال إن «ميزانية الوزارة للعام المالي 2008/2009 بلغت نحو مليار دينار، منها 265 مليون دينار اعتماد إضافي لتغطية تكاليف العلاج بالخارج». ملاحظات ديوان المحاسبةوكان ديوان المحاسبة قد أبدى عددا من الملاحظات من خلال عمليات تدقيق عن السنة المالية 2007/2008، فيما يخص قضية العلاج بالخارج والمكاتب الصحية بالخارج، حيث وجد الديوان ضعف اجراءات الرقابة من قبل الوزارة على ارصدة المكاتب بالخارج، ما جعلها تتمادى في الصرف، اضافة الى عدم تسوية مصروفات العديد من مكاتب العلاج بالخارج والاقسام الصحية بالخارج منذ فترة طويلة. وقدرت اعتمادات علاج المواطنين في ميزانية السنة المالية 2006/2007 بمبلغ 60 مليون دينار، وتم تعزيزه بمبلغ مليون دينار آخر ليصبح الاعتماد بعد التعديل مبلغ 61 مليون دينار.وطالب الديوان بضرورة عدم تجاوز اعتمادات الميزانية هذا النوع والذي يعد مخالفة للمادة (22) من المرسوم بقانون،كما رصد الديوان عدم التقيد بالقرار الوزاري رقم (77) لسنة 1999 الخاص بلائحة العلاج بالخارج، ومن أمثلة ذلك، الموافقة على مرافق ثانٍ بالمخالفة للمادة (9) من القرار الوزاري رقم (77) أسئلة 1999 بلائحة العلاج بالخارج، حيث تقضي المادة (9) من اللائحة بأنه يجوز اضافة مرافق آخر لرعاية الطفل المريض الذي يقل عمره عن 5 سنوات. وقد تبين لدى الفحص موافقة الوزارة في العديد من الحالات على مرافق ثانٍ تزيد أعمارهم عن 5 سنوات، وصرف مخصصصات لهم بالمخالفة للمادة (9).كما رصد ديوان المحاسبة «الاستمرار في صرف المخصصات بعد اخر مراجعة للطبيب لفترات طويلة، بالمخالفة للمادة (15) من القرار الوزاري رقم (77) لسنة 1999 بلائحة العلاج بالخارج، حيث تقضي المادة المذكورة بأن يصرف للمريض والمرافق مخصصات مالية بما لا يزيد على يومين قبل الموعد الأول لمراجعة الطبيب المعالج، ويوقف صرف تلك المخصصات بعد يومين من آخر موعد لمراجعة الطبيب المعالج، وقد تبين لدى الفحص استمرار الوزارة في صرف المخصصات بعد آخر مراجعة للطبيب لمدة طويلة لعدد كبير من المرضى.وكشف تقرير ديوان المحاسبة أيضا ضعف اجراءات الرقابة على ارصدة المكاتب الصحية بالخارج، حيث تبين من خلال الفحص والمراجعة صعوبة متابعة ورقابة العمليات النقدية في المكاتب الصحية بالخارج، لعدم توافر كشوف حسابات البنوك وكشف حركة البنوك التي تعدها المكاتب والتسويات بصورة شهرية وفي الوقت المناسب، مما يضعف عملية احكام الرقابة ويصعب اكتشاف اي عجز. وطالب الديوان بضرورة احكام الرقابة على الأرصدة الفعلية للنقدية في المكاتب الصحية بالخارج.اللجنة مُسيّسةفي تصريح صحافي انتقد النائب د. علي الهاجري ما أسماه حال «التخبط» الذي تعيشه وزارة الصحة، واصفا «اللجنة العليا للعلاج بالخارج بـ«المسيّسة» والتي وضعت لإرضاء فئة دون أخرى»، وأضاف أن «هذه اللجنة العليا تعمدت ظلم الحالات المرضية والمستحقة للعلاج بالخارج، حسب قرار مجلس الوزراء الذي أتاح لها ذلك»، مشيرا إلى أنه «ليس من حق وزير الصحة أو اللجنة العليا رفض إرسال حالة تستحق العلاج حسب قرار مجلس الوزراء، بحجة أنه لا جدوى من علاج الحالة». لجنة لوضع الضوابطفي إطار الخطوات التي من شأنها تطوير أداء العلاج في الخارج، أصدر وزير الصحة علي البراك قبل عدة أشهر قرارا بتشكيل لجنة لوضع ضوابط للعلاج بالخارج، تختص بوضع آلية جديدة للعلاج بالخارج، بالاضافة الى وضع ضوابط للتنسيق بين لجانه المتعددة، ويحق لهذه اللجنة وضع تصور جديد لتطوير العلاج بالخارج والحد من أي عقبات أو عراقيل مستقبلية تواجهه.استحقاقات المريض المبتعث للخارجنفقات العلاج- تذاكر سفر للمريض والمرافق على الدرجة السياحية أو حسب الحالة الصحية.- مرافق.متطلبات مرافق المريض- أن يكون بالغاً ومن أقارب المريض. - أن تكون حالته الصحية تسمح له بالاهتمام بالمريض.- لكل مريض مرافق واحد بمخصصات مالية، ولا يقبل الأطفال أو الخدم كمرافقين للمريض، ولا تتحمل الدولة نفقات علاج المرافق او نفقات الحمل والولادة للمرافقات.المخصصات المالية للمريض والمرافقحسب النظام داخل المستشفى أو خارجه، ونفقات العلاج، ويقصد بها المبالغ التي تدفع للمستشفيات والأطباء لتغطية مصاريف علاج المريض، بما فيها الأدوية والأجهزة الطبية.مرافق المريضالمريض أقل من 12 سنة يرافقه الأب والأم، وتصرف المخصصات للمريض والأب والأم. - للمريض أكبر من 12 سنة مرافق واحد فقط، وتصرف المخصصات للمريض والمرافق فقط.- المريض المعاق الذي لديه شهادة إعاقة له مرافقان اثنان، وتصرف المخصصات المالية للمريض ومرافقيه.- في حالة طلب ذوي المريض إجازة مرافق مريض، وكان يرغب بالسفر معهم على نفقته الخاصة، فإن هذا الأمر يعرض على اللجنة الطبية العليا للعلاج بالخارج للبت في الطلب.تذاكر السفرتصرف تذاكر السفر لجميع المرضى والمرافقين بالدرجة السياحية ما عدا حاجة المريض الطبية إلى نقله، وبواسطة سرير طبي بناء على توصية الطبيب المعالج يصرف له سرير طبي، وفي حالة التوصية برفع درجة السفر من قبل الطبيب المعالج لحاجة المريض الصحية يعرض الأمر على اللجنة الطبية للبت في الطلب.«الكويتية»... وفواتير نقل المرضىتمثل فواتير نقل المرضى المبتعثين للعلاج بالخارج ومرافقيهم قضية أخذ ورد بين وزارة الصحة ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وعن ذلك يقول رئيس اللجنة الفنية لدراسة مطالبات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بوزارة الصحة محمود عبدالهادي ان «الصحة» سددت 600 الف دينار من قيمة مطالبات ابتعاث وعلاج المرضى الكويتيين بواسطة مؤسسة الخطوط الكويتية، مشيرا الى ان اللجنة صرفت تلك المبالغ بعد التدقيق عليها، كما أن الوزارة صرفت خلال الفترة الماضية 3176000 دينار من مطالبات سابقة كانت المؤسسة قد تقدمت بها، مشيرا إلى ان الوزارة ستسدد دفعة مقبلة للمؤسسة تبلغ 646 الف دينار، وهي من المطالبات التي وصلت الى وزارة الصحة.