... ويبقى المشهد السياسي بهيجاً

نشر في 05-11-2008
آخر تحديث 05-11-2008 | 00:00
 أحمد عيسى رفع النائب أحمد المليفي من درجة سخونة الأجواء السياسية بإعلانه مطلع الأسبوع الماضي اعتزامه تقديم طلب استجواب بحق سمو رئيس مجلس الوزراء بداعي وجود مخالفات شابت عمليات صرف مبلغ 16 مليون دينار كويتي تابعة لديوان سموه على مدى عام كامل.

وما كاد ذلك الأسبوع أن ينقضي حتى أعقب المليفي إعلانه بتوجيه سؤال تناول أوجه صرف 300 مليون دينار كويتي أخرى تابعة لديوان سمو الرئيس.

وخلال الأسبوع الماضي نفسه، اتفق النواب والوزراء على أهمية إقرار تشريع يخول الحكومة ضمان الودائع في البنوك، وجاء اتفاق النواب والحكومة للتأكيد أن الحال السياسية نقية إلى درجة التضامن، متى ما ارتبطت بسمعة الكويت، أو تفادي أي أزمة قد تتعرض لها، لاسيما أن تداعيات أزمة المال العالمية لاتزال تهدد اقتصاديات دول العالم.

المشهد السياسي على مدى الأسبوعين الماضيين بدا لي بهيجا رغم الحديث المتكرر عن احتمال حل المجلس، وتعليق العمل بالدستور، لكن مع ذلك تبقى الصورة الأشمل، أن الحكومة وجدت التعاون الذي تنشده مع المجلس، وسقطت حجة أن المجلس يعطل التنمية، خصوصا إذا علمنا أن الطرفين، حكومة ومجلس، تعاملا مع الحدث بمسؤولية راقية، واتفقا على تحديد 19 أولوية للنقاش والبحث خلال دور الانعقاد الجاري، وأنهما اتفقا أيضا على تحديد جلسة لمناقشة خطة الحكومة وبرنامج عملها، وهذا بالطبع يضاف إلى رصيد المجلس الذي مرر خلال جلسة واحدة ميزانية الدولة والتي بلغت 19 مليار دينار، وتعد الأكبر في تاريخ الكويت.

وفي الزاوية الأخرى، وجدنا نائبا منتخبا من الشعب، يهدد وحيدا بمحاسبة سمو رئيس مجلس الوزراء، ووجدنا الحكومة تقرر أول من أمس الأخذ بما قاله النائب، فتنتهي إلى تشكيل فريق سيعمل على معالجة الأخطاء والمخالفات التي وردت في ديوان المحاسبة، وكذلك معالجة لخطأ أدى إلى منح عدد من الأشخاص الجنسية الكويتية دون وجه حق.

ورغم أنه حتى صباح أمس، لم يصدر أي بيان عن النائب المليفي، فإنه كان قد أعلن استعداده لأن «يرد التحية بأحسن منها» كما قال في تصريحه ظهر الأول من أمس، وهو ما اعتبر انفراجا في الأجواء، ومؤشرا على نيته العدول عن تقديم الاستجواب الذي هدد بتقديمه المفترض غدا الخميس.

هذه هي الكويت، نائب يمارس دوره، وعمل سياسي يتخلله تقاطع والتقاء مصالح، وحكومة تنزع فتيل أزمة، وتفكك مشروع استجواب فتشكل فريقا للوقوف على مخالفات سطرها ديوان المحاسبة بحق ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، وأجواء تسخن بحسب القضايا، وفرق تعمل بصمت، ونواب يتخذون مواقف، وآخرون يساومون، ومع ذلك، ظلت اللجان البرلمانية تعمل، ولم تتعطل مصالح المراجعين في الدوائر الحكومية، فغادرت العاصفة دون أي ضرر، وعدنا إلى أجواء الترقب مجددا.

في النظام الديمقراطي، الجميع يعمل داخل دائرة الضوء، والمرجع هو الدستور، والخط الأحمر هو مصلحة البلاد، التي يتفق عليها اللاعبون جميعهم، والعمل السياسي يبقى فن الممكن، ولكل نائب الحق في ممارسة دوره، كما أن المواطنين بلغوا درجة عالية من الوعي والجرأة على تحديد مواطن الخلل، وهو ما يعطي ضمانة إلى حصانة النظام الدستوري، ويفتح الباب أمام التساؤل المشروع عن الموعد المرتقب لانتقال السلطتين إلى مرحلة الإنجاز والتعاون، فالكويت تستحق من الجميع أكثر من هذا.

back to top