هل فشلنا فعلا في تقديم «نموذج» يربط العمل السياسي بقضايا الناس وهمومهم؟ أم أن هناك «نموذجا جماهيريا» نبحث عنه ولا نجده؟ فالتكتلات لم تعد قادرة على التكيف مع النماذج المطروحة... والانضمام إليها لا يتعدى أرقاما ضئيلة، وهشاشة الخطاب السياسي للمرشحين أصبحت عنوانا للمرحلة، وفقدان التناسق بين الأعضاء إلى جانب الإحباط الذي التصق بالنخب السياسية تجاه العمل السياسي أصبحا السمة الغالبة.
فالمشهد الانتخابي، في غياب التنظيم السياسي وفي ظل تجاهل استيعاب اللوائح الداخلية لتنظيم آلية عمل الكتل البرلمانية، أفقد القوى السياسية أبجديات تفعيل أدوات الرقابة في البرلمان، فتراجعت مفاهيم الرقابة وتقويم الأداء، وحلت محلها لغة الإهانة والتجريح. واليوم ترتفع سخونة المشهد السياسي، فإلقاء نظرة شبابية، ومن منظور طلابي، على الدوائر الخمس، يبين أن الدائرة الأولى تترقب مصير أول وزيرة كويتية، وهي د.معصومة المبارك التي التزمت بمطالبتها بالحقوق السياسية للمرأة الكويتية، فقررت خوض تجربه الانتخابات هذا العام «بتجانس»، وهو «تكتيك سياسي» أفضل من التحالف، مع مرشحي الدائرة الأولى. أما الدائرة الثانية، فتشهد غياب قطب سياسي، وهو النائب محمد الصقر الذي رعى قبل عدة أعوام الدور الشبابي في دفع عجلة الإصلاح الانتخابي، وترأس لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية، كما تشهد هذه الدائرة أيضا اختراق عضوي المنبر الديمقراطي عبدالله النيباري ومحمد العبدالجادر، أوساط التردد السلفي، واستباقهما الكتل السياسية بالتفاعل مع حرية إبداء الرأي في المقار الانتخابية. بينما الدائرة الثالثة «الشبابية»... نجدها قد اعتادت ترشيح الشخصيات «الكاريزمية» كصالح الملا وأسيل العوضي ورولا دشتي وأحمد السعدون، وناخبو الدائرة من أهل العلم والثقافة والشهادات العليا، يمتازون بالحرص على الصوت الوطني، ولكن عشق التغيير يدفع بالمفاجآت، فناخب الدائرة الثالثة لا يعرف الالتزام. في حين أصبحت التشاوريات والفرعيات معايير لمقياس القوى السياسية في «الرابعة» و»الخامسة»، وأصبحت وسائل الإعلام تتتبع أخبار مرشحي «الحظ القبلي» الوفير، في كلا الدائرتين معا على مدار الساعة يوميا. ما سبق عزيزي القارئ كان دردشة انتخابية، أما بشأن الحكومة فنتساءل: هل ستشهد تغييرا؟ وهل سيصبح الاعتماد في المرحلة المقبلة على برنامج مطروح؟ وهل سيستند التوزير إلى الثقل الشعبي ويربط الاستحقاق الحكومي بالاستحقاق البرلماني؟ ولمَ لا؟! فقد يزداد التجانس بين الحكومة والمجلس ولن تجد القوانين صعوبة في التمرير، ولن يبقى مجال للتنصل من المسؤولية، فيخرج الوزير من الدائرة التنفيذية إلى دائرة المناصب السياسية. كلمة أخيرة: نحن في زمن التنافس بين الدولة والمرشحين لكسب ود المواطن... فمن سيكسب؟
مقالات
«أمة... 2009»
20-04-2009