أطلق النائب العزيز د. فيصل المسلم اتهاما لرئيس مجلس الوزراء بأنه يرعى ما أسماه الإعلام الفاسد وذكر أسماء صحف وقنوات محددة، وذلك في الندوة التي عقدت في ديوان النائب عبد العزيز الشايجي منذ أيام وفي جلسة مجلس الأمة منذ يومين، وقد توقفت مليَّاً عند هذا المصطلح المفاجي «الإعلام الفاسد» الذي جرى على لسان الأخ والصديق العزيز.

Ad

سبق أن كتبت وتحدثت، ومن قبلي وبعدي كثيرون، عن كيف أن الكثير، إن لم يكن أغلب، وسائل الإعلام قد انحرفت عن مسارها، وأن لغة الحوار والنقد، وأساليب التعبير قد هوت إلى مستويات هابطة جدا، فصار الشتم والإسفاف والبذاءة في الإعلام شيئا مألوفا عند الناس، وقلت إن بعض وسائل الإعلام، قد استمرأ الأمر حتى صار هو من يشعل نيران أغلب الأزمات التي عصفت بالبلد خلال الفترة الماضية بما يبثه وينشره، وذهبت إلى المطالبة بضرورة التصدي لهذا وعقد ميثاق شرف بين الصحف والقنوات للتحلي بروح المسؤولية، ومع ذلك لم أجد استجابة من أحد، لا من الصحف والقنوات، ولا من نواب البرلمان، وكان الرد بأن هذه هي حرية التعبير والرأي، وهذه ضريبة لازمة من ضرائب الديمقراطية التي يجب أن نتقبلها!

عشرات المقالات، وعشرات التصريحات، وعشرات البرامج، التي انتقدت، ولاتزال تنتقد، بشكل خارج عن كل شرع وعرف وذوق الشخصيات العامة كلها، بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء نفسه، الذي ناله من التجريح الصارخ ما لا يمكن تصديقه، وبالرغم من ذلك لم نجد من المؤسسة التشريعية ونوابها أي تحرك لإيقاف هذه المهزلة!

لماذا يا ترى لم يصرخ النائب العزيز المسلم طوال الفترة الماضية التي نال فيها رئيس الوزراء وغيره من الشخصيات العامة ما نالهم من تجريح وتطاول، أم أن الإعلام لم يفسد ولم تنتشر رائحته العفنة إلا حينما طاله التجريح ووصلت النار إلى ثوبه ولسعت جلده؟!

أنا ممن يحبون ويحترمون د. المسلم، لأنه بالنسبة لي على الأقل، من النواب النشطين الذين يلتزمون بعملهم البرلماني الذي يتقاضون لأجله راتبهم، فيحرص على حضور اللجان التي هو عضو فيها، وعلى المشاركة الفعلية فيما يجري، ولكنني أستغرب منه اليوم وأستهجن كثيرا هذا الانفعال وهذا الاتهام لقنوات وصحف معينة وتركه لأخرى لعلها أسوأ بكثير من تلك التي ذكر!

إن انحدار الإعلام أعم بكثير مما وصف النائب العزيز، فيا ليته وبدلا من الدخول في معركة دون كيشوتية جديدة، كأغلب المعارك التي دأب السادة نواب البرلمان على إشعالها أخيراً، أن يتحرك تحركا صحيحا وفق القنوات التشريعية والسلالم القانونية، لضبط وسائل الإعلام وترتيب أوراقها، في إطار الحرية المسؤولة المنضبطة، والروح الوطنية الحقة، وكلي ثقة بأن نائبنا العزيز أهل لمثل هذا الحراك الموضوعي السليم البعيد عن الغوغائية والصوت العالي الذي لا يحتاجه لمجرد أن يذكر ناخبيه بأنه لايزال موجودا في المشهد السياسي!