الزميل محمد صادق الحسيني كتبت في مقالك بعنوان «رسالة أوباما إلى الإيرانيين: ربحت طهران الرهان وفاز أحمدي نجاد»... تقول فيه «لقد كان ولايزال الرهان على خيار المقاومة والممانعة التي تظهر رسالة أوباما إلى القادة الإيرانيين بوضوح لا يقبل الشك والتردد على أن أحمدي نجاد الذي راهن عليه وأصر على المضي فيه حتى النهاية تحت كل الظروف، يظهر على أنه هو الذي فاز وانتصر على خصمه بالنقاط».

Ad

بداية، اسمح لي بالرد عليك يا أستاذ صادق يا أمين عام منتدى «الحوار» العربي- الإيراني، المفترض بك اتخاذ الموضوعية والدبلوماسية، ووضع مصالح بلادكم ومواطنيكم في عين الاعتبار بعيداً عن الانفعال والعاطفية والشخصانية ونشوة الانتصار للنفس، فقليلاً من التواضع يا سيادة الأمين العام لمنتدى الحوار.

أنت يا أستاذ صادق تستهزئ بخطاب أوباما التاريخي الذي وجهه إلى الإيرانيين بمناسبة رأس السنة الإيرانية، والذي عرض عليهم مبادرة للحوار وإنهاء النزاع الطويل بين البلدين، والذي وعد من خلاله «باتباع دبلوماسية تعالج كافة المشاكل»... وتسخر من تغنّيه بأدبهم وإبداعهم ومن تهنئته للإيرانيين بقوله «عيد شما مبارك»... وتقول «إنه الضعف والعجز والهوان أمام صلابة موقف الواثقين والمؤمنين بالنصر»، فأنت ترى في الحوار (يا أمين عام منتدى الحوار) ضعفا وقلة حيلة، لكنها يا سيدي «القوة الذكية» والدبلوماسية الناعمة المتوازنة التي تؤمن بالحوار لا التصادم، وبالبراغماتية لا الشعارات الوهمية واللغة المشتركة بدلاً من الإيديولوجية المتعصبة.

يخاطبكم أوباما المحاور الذكي عاطفيا بتواضع ومودة وتسامح ويذكركم «بالعناصر الإنسانية المشتركة التي تجمع بيننا... ستحتفلون بالتأكيد بالعام الجديد بالطريقة نفسها التي يحتفل بها الأميركيون بأعيادهم- بالتجمع مع الأصدقاء والعائلة، وتبادل الهدايا والحكايات والتطلع إلى المستقبل بروح متجددة من الأمل... هذه الاحتفالات تحمل في طياتها وعداً بيوم جديد، وعداً بفرصة لأطفالنا والأمن لعائلاتنا والتقدم لمجتمعاتنا والسلام بين الدول. هذه آمال مشتركة، وأحلام مشتركة».

فرق كبير يا أستاذ صادق بين تسامحه وتعصبك، هو يذكركم بالكلمات التي كتبها الشاعر الإيراني الكبير سعدي «أبناء آدم هم أطراف لبعضهم البعض لأنهم خلقوا من جوهر واحد»... وأنت ترد عليه بأبيات لنفس الشاعر تقول: «إذا عكست المرآة قبح وجهك... صلح وجهك لا تكسر المرآة».

فرق كبير يا أستاذ صادق بين خطابه المنفتح والمتسامح والمسؤول وخطابك الذي تقول فيه «ها هو الأميركي المتوحش يلبس لبوساً إنسانيا بعيداً عن همجية غوانتنامو وأبو غريب ويلتمس الحوار». لمَ هذا الخلط والتعميم يا سيادة الأمين العام لمنتدى الحوار؟ ألا تعلم أن أوباما يعمل منذ اليوم الأول لولايته على تنفيذ وعده بالتغيير وقطع الصلة بسياسة بوش الحمقاء من إغلاق معتقل غوانتنامو إلى خطواته السريعة والجدية في وضع عملية السلام في قمة الأولويات والتزامه بـ»حل الدولتين»؟ وهل تفضل خياراً آخر غير الحوار والاحترام المتبادل والسلام الذي يصب لمصلحة الوطن والمواطنين وأنت الأمين العام لمنتدى الحوار؟ ألا تعتقد أن هذه المبادرة تبعث على الأمل لمستقبل أفضل وتحقق تطورات ملموسة على أرض الواقع، وتجنب إيران العزلة أو الحرب؟ ألا تعتقد أنها شجاعة يجب أن تحسب لإدراة أوباما الجديدة التي أتت لتغير السياسات الرعناء القديمة؟

هناك فرق كبير، يا سيادة الأمين العام لمنتدى الحوار، بين سياسة بوش المتشددة وسياسة أوباما الليبرالي المنفتح، تماماً كالفرق بين الرئيس أحمدي نجاد المتشدد ومحمد خاتمي الإصلاحي «الليبرالي»، فأحمدي نجاد ينتقده الكثير من المسؤولين في بلاده بسبب سياساته الخطرة التي عزلت البلاد وأدت إلى تدهور الاقتصاد وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار والبطالة، كما انتقده الكثير بسبب تصريحاته التي قال فيها إن يد الإمام المهدي المنتظر «ترى في إدارة شؤون البلاد كافة»، وأن الإمام «يدير العالم». بالإضافة إلى سياساته العدائية والاستفزازية في المنطقة كتقويض عملية السلام في الشرق الأوسط، وتهديد مملكة البحرين، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز وغيرها. أما محمد خاتمي فيؤمن بالحرية والسلام وسياساته مستنيرة وعقلانية ومنفتحة ومرنة، ويسعى إلى الإصلاح ويشجع الحوار، فهو أول مَن نادى بحوار الحضارات في عام 1998م.

الفرق يا سيدي بين أحمدي نجاد ومحمد خاتمي كالفرق بين بوش وأوباما... وما أجمل العالم حين يجتمع أوباما مع سلف خاتمي في التيار الإصلاحي في زمن واحد. لتتأكد صحة مقولة أوباما في خطابه «مقياس العظمة لا يتجسد في القدرة على التدمير، بل في القدرة على البناء والإبداع».