رحم الله ذلك الزعيم العربي الذي قال لأحد المشككين بوطنية قادة المقاومة اللبنانية: «إنت مين وشو تاريخك... لازم يعرف العالم ذلك قبل أن تتهمنا في خلفيتنا الوطنية»!

Ad

وأرجو ألا تستغربوا فالرجل الزعيم مازال حيا، والرحمة تجوز على الحي والميت كما يقولون، والرجل الزعيم هو الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني سماحة السيد حسن نصر الله!

أما وجه هذا الاستحضار فهو كلام الرئيس الفرنسي ساركوزي بأنه غير مستعد للجلوس على طاولة واحدة مع الرئيس أحمدي نجاد، كما أنه غير مستعد لمصافحة رجل يريد إزالة دولة إسرائيل، والأهم من كل ذلك أنه يعتقد أن أحمدي نجاد لا يمثل الشعب الإيراني!

قبل أن أشرح دلالات الكلام المذكور وخلفياته وتداعياته، فقد أعجبني تعليق أحد الإخوة العرب من القراء حيث علق على الخبر بالقول: «بسيطة العين بالعين والسن بالسن،فمن الآن فصاعدا لا أحد سيجلس مع ساركوزي ولا أحد سيصافحه من كل أنحاء العالم الإسلامي لأن هذه هي عقيدتهم جميعا، بأن زوال إسرائيل حتمية تاريخية وحقيقة قرآنية لا ريب فيها»!

وللحقيقة ينبغي أن نقول بعيدا عن علاقات الدول مع بعضها، وقواعد البروتوكول التي تنظم العلاقات فيما بينها، فإننا كمواطنين عرب ومسلمين نستغرب بل ونستنكر أشد الاستنكار مثل هذه الطريقة في التعامل معنا، فضلا عن هذه الروح الاستعلائية والفوقية غير المقبولة مطلقاً، ولسان حالنا يكرر ويقول مثل ما قال ذلك الزعيم العربي الكبير الآنف الذكر: «إنت مين وشو تاريخك ومتى أصبحت تقرر للعالم معايير الكلام والسلوك حتى تريد أن تجلس أو لا تجلس بعد ذلك مع هذا الرئيس أو ذاك! ثم من قال إن الجلوس معك هو مفتاح الدخول إلى المقبولية أو المشروعية الدولية؟!».

إن الزمن قد تغير يا حبيبي، وأنت لاتزال تتكلم بلغة «أكل الدهر عليها وشرب»، وأصبح هذا النوع من الكلام من مخلفات الماضي، أي عندما كنتم تحكمون العالم بالإشارة أنتم أصحاب اللون الأبيض، عندما كنتم تعرفون بدول المتروبول التي تعين مصير الدول!

إن استنكارك وتضايقك من مثل هذا الكلام، لا يستطيع أن يغير من عقيدة رجل حتى من نوع «أبراهام بورغ» وهو رئيس سابق للكنيست بأن إسرائيل تحمل جذور فنائها في ذاتها، وتستطيع أن تراجع آخر كتاب صدر له، فكيف بك تريد أن تغير عقيدة العالم العربي والإسلامي كله؟!

«فات الميعاد وبقينا بعاد» كما تقول الأغنية العربية الشهيرة لأم كلثوم، ثم أنت وبالإذن من أم كلثوم مرة أخرى «لسه فاكر قلبنا يدي لك أمان» حتى نجلس إليك وإلى طاولتك، ونصافحك ونحن مطمئنون إلى أن أصابعنا لاتزال كاملة بعدتها وعديدها بعد أن سرقتم قوت العالم في كازينوهات القمار العالمية تحت مسميات الرأسمالية الليبرالية وغيرها من المسميات البراقة التي سميتموها أنتم وآباؤكم، ولم تأت للعالم ولشعوبكم بالذات غير تلك النتائج التي جعلت منكم أنتم الزعماء الكبار تتسولون المساعدات على أعتاب العواصم العربية النفطية لعلكم تحصلون على دواء؟! ولكن ما الفائدة من ذلك كله «إذا وصل الدواء بعد موت الملك سهراب» كما يقول المثل الإيراني الشهير؟!

لمعلوماتك يا سيد ساركوزي ولمعلومات السيد باراك حسين أوباما ساكن البيت الأبيض الجديد، فلا مظلة نووية تريدونها لهذا الكيان المهترئ يمكن أن تحميه من خطر الزوال الحتمي كسُنّة من السنن الكونية، ولا رفضك لمصافحة الرئيس أحمدي نجاد سيقدم أو يؤخر من الأمر شيئا، فقد قُضي الأمر واقتربت الساعة التي لا ريب فيها، وإن كنت مصراً على رأيك فلا بأس أن تحتفظ به من باب حق التعبير عن الرأي، ولكن فليكن في علمك وعلم من تتصور أنك قادر على حمايتهم وهم عتاة الظلمة الدوليين، بأن الزمن الذي كنتم تحكمون فيه العالم لوحدكم قد ولّى وإلى غير رجعة!

ومن لا يصدق ذلك منكم أو يشكك فيه، فليس أمامه إلا التجربة الملموسة التي لا تؤمنون بغيرها، وعندها سترون كيف أن ذلك، لا محالة، سيقرب أكثر موعد زوال دولة إسرائيل!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني