الدستور... وصوت الكويت
تحلّ علينا اليوم ذكرى عزيزة هي ذكرى صدور الدستور، إذ يفترض انه شبّ عن الطوق وبلغ من العمر 46 عاماً، عمر الحكمة كما يُقال.
ومن المفترض أن يكون دستورنا المأسوف عليه قد وصل إلى مرحلة النضج، لكن الحقيقة العارية هي انه تم الاعتداء عليه وانتهاكه وهو مازال طفلا، عندما صدرت القوانين المناهضة للدستور عام 1965، وتم تزوير الانتخابات عام 1967، وتم الانقلاب عليه عامي 1976 و1986، وبين هذا وذاك كانت القوانين المناهضة له تصدر غالباً في غياب المجلس، حتى تم إفراغه من محتواه أو كاد. أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ بدأنا بانتقال المجتمع من حالته البدائية الى حالة الدولة، وأصبح الدستور النظام الاساسي لتلك الدولة الصغيرة، ليقنّن طبيعة علاقات القوة داخل مجتمعنا الصغير، وشيئا فشيئا تحول ذلك النظام الاساسي الذي يحدد الحقوق والواجبات إلى وريقات مهملة، لا يأتي ذكرها إلا في الخطابات الرسمية على طريقة رفع العتب، أو المباهاة أمام الآخرين، أما واقع الحال فقد تحول إلى التعامل مع الدستور كأنه واجهة لمحل تجاري تختار منه ما يعجبك وتتجاهل ما لا يعجبك. الحكومة في عجزها وفشلها، وهو انها غير قادرة، هذا على افتراض انها راغبة بالاساس في حماية الدستور، والنواب لا يجدون غضاضة في تجاهله والاعتداء عليه بحجج مختلفة، ويقضون جلّ وقتهم في مماحكات سياسية لا تُسمن ولا تُغني من جوع. إن كان هناك في السلطة التنفيذية أو التشريعية من لديه ذرة التزام بالدستور، فعليه أن يبدأ مراجعة كل القوانين المناقضة له، وإصدار حزمة إجراءات تمنع صدور أي قانون أو تشريع أو قرار يناقضه، ولكن ذلك لن يحدث، فنحن غارقون لا محالة. أقول قولي هذا، في الوقت الذي سيحتفل به مجموعة من شبان وشابات الكويت اليوم الساعة الخامسة مساء امام مجلس الامة بذكرى الدستور، بدعوة من مجموعة «صوت الكويت»، فلكم تحية على هذا الجهد، لعل هناك من يتذكر أن دستورنا يكاد يتحول إلى حبر على ورق.