Ad

كيف هي الحياة بعد الشهرة؟ يصعب عدم طرح هذا السؤال وأنا أتحدث في غرفة أحد الفنادق إلى ميغ راين، التي كانت تجني عام 2000 نحو 15 مليون دولار أميركي عن كل فيلم، واحتلت بكل ثقة إلى جانب جوليا روبرتس القمة في لائحة الممثلات اللواتي يشهدن أوسع إقبال على شباك التذاكر. من ثم جاء انفصالها عن زوجها دنيس كوايد، في خضم علاقتها العلنية العابرة مع الممثل راسل كرو الذي شاركها فيلم Proof of Life، وفي ظل خيارات مهنية متواضعة، من ثم انقطاعها لفترة عن التمثيل. بدا الشعور العام سيئاً بالنسبة إلى المرأة التي لُقّبت سابقًا America’s sweetheart (محبوبة أميركا)، لا سيما لأنها تجرأت على تحطيم الإطار النمطي الذي وضعها فيه مرتادو السينما بعد مشاركاتها المثيرة للإعجاب في فيلمي When Harry Met Sally وSleepless in Seattle. يشار إلى أن فيلمها الأخير My Mom’s New Boyfriend أطلق مباشرةً على أقراص DVD.

ذلك هو الجانب السلبي من الشهرة، فلا تدعوه يغدر بكم.

يبدو أن السنوات الثماني اللاحقة لم تعد تعني شيئاً لراين التي تشارك في فيلم The Women الذي بدأ عرضه أخيراً، وهو نسخة محدثة عن فيلم جورج كيوكر عام 1939 المقتبس عن مسرحية «كلير بوث لوس» وامتاز بمشاركة نسائية فحسب. لا تبدو راين، وهي في السادسة والأربعين من العمر، بقامتها النحيفة والرشيقة وبفستانها الذهبي الضيّق عند أسفل الصدر من ماركة برادا وبشعرها المجعّد، كما كانت عليه خلال أوج نجاحها، لكن كشخص عادي ما زالت فاتنة. تبدو مصمِّمة على الاسترخاء تجاه التغيرات المهنية المفاجئة التي طرأت عليها وتستمتع بالحرية غير المتوقّعة في حياتها بعيداً عن أضواء الشهرة.

حتى العام الماضي، عندما شاركت في أربعة أفلام مستقلّة، لم تكن راين تعمل بجهد كبير. تقول حرفياً وعلى ما يبدو رمزياً: «كنت أسافر». تبنت طفلتها الثانية التي تدعى دايزي ترو من الصين عام 2006 وتمضي الكثير من الوقت معها ومع ابنها المراهق جاك. تقول بطريقة مراوغة: «عرفت الشهرة منذ أن كنت في سن المراهقة، الأمر الذي أحدث الكثير من الثغرات في حياتي. لذلك، أشعر بأنني كنت أملأ تلك الفجوات تدريجياً وبأنني محظوظة جداً وحرّة للغاية. لم يكن لدي رغبة كبيرة في العمل». كذلك، كونت ثروة لا بأس بها، لذا لم تشعر بأي ضغط مالي.

فضلاً عن ذلك، ساهم طلاقها من كوايد عام 2001 في غيابها عن الساحة المهنية، على حد قولها. «أثّر الطلاق فيّ إلى حد أنه غيّر مجرى حياتي، فانقطعت شهيتي إلى كسب المزيد من الشهرة. لست من النوع الطموح، ولم يكن للأمر علاقة بكل تلك الأدوار التي رفضتها. حدث كل ذلك وكأنه كان محتماً».

فيلم للنساء

التزمت راين بفيلم The Womenلمدة 14 عاماً. عام 1994، كانت ستتعاون وجوليا روبرتز للتمثيل في هذا الفيلم وإنتاجه، وهو عبارة عن رسالة مجهولة حول زوجة وأم من الطبقة الراقية تدعى ماري هاينز، تدمر حياتها عندما تكتشف أن زوجها يقيم علاقة غرامية مع امرأة تعمل في قسم العطور في متجر فاخر. استخدمت الممثلتان مخرجة السلسلة التلفزيونية Murphy Brown، ديان إنغليش، لكتابة النص. كان مفترضًا أن يعمل جايمس ل. بروكز، مؤلف فيلم Broadcast News، على الإخراج، لكنه تخلى عن تلك المهمة في النهاية، فتولت إنغليش الإخراج أيضاً. على مر الوقت، تشتت المشروع وأعاد تشكيل نفسه بشكل مرحلي مع ممثلات مختلفات وميزانية انخفضت من 30 مليون دولار إلى 16.5 مليون دولار، وهي كلفة إنتاج النسخة الجديدة.

رفضت استديوهات العرض كلها، على حد قول إنغليش التي لم تفقد الأمل. تقول: «كنا نخشى بشدة ألا يتمكن فريق التمثيل النسائي البحت، غير المدعوم من طوم هانكس أو ويل سميث، من تحقيق أي إيرادات على شباك التذاكر». في النهاية، عمدت إنغليش إلى جمع الأموال بشكل مستقل، وحصلت شركة Picturehouse على حقوق التوزيع في الولايات المتحدة.

يذكر أن روح فيلم Sex and the City تنعكس على المشروع برمته. من ناحية الموضوع، حوّلت إنغليش «العلاقات الصديقة العدوة» في النسخة الأصلية إلى صداقات حقيقية كتلك التي تجمع بين كاري، ميرندا، سامانتا وشارلوت، وانضم إلى راين في الرباعي الرئيس أنيت بينينغ، جادا بينكيت سميث وديبرا ميسينغ. تقول إنغليش: «ينطوي الفيلم القديم على الكثير من الاحتيال والمكر، وهو قاس بحق النساء. مضى حوالى 70 عاماً، ها نحن نتمتع، على ما آمل، بالذكاء والذوق عينهما وما زلنا نستطيع جعل الأمر يبدو بمثابة احتفال للنساء».

بعدما حطم فيلم Sex and the City شبابيك التذاكر هذا الصيف، تنبهت شركة هوليوود من جديد إلى فكرة أن ثمة جمهوراً من الجنس اللطيف مغبوناً بشكل كبير. عمد الاستوديو إلى جمع ميزانية التسويق لفيلم The Women تتراوح قيمتها من 8 ملايين دولار إلى 25 مليون دولار، وأضاف أخيراً 500 شاشة لافتتاحه، حسبما أفادت إنغليش.

تعتقد إنغليش أن ماري هاينز دور «انتقالي» عظيم لراين. تقول في هذا الصدد: «عندما التقيت راين للمرة الأولى، فاجأتني بدقة ملاحظتها وذكائها في اختيار أفكارها، وهي ما زالت كذلك. أظنها تضفي بعض النضج إلى الدور راهناً، فهي تستطيع أداء دور راشدة ودور أم. إنها شخص يسعى إلى تحقيق هدف معين لنفسه».

تلفت إنغليش إلى أن راين هي من اقترحت مضمار عمل ماري هاينز، التي تقول من خلال شخصيتها في الفيلم الراهن لزبونة (بيت ميدلر) التقتها في إحدى المنتجعات الصحية: «أمضيت حياتي وأنا أحاول أن أظهر بجميع الأشكال التي يريدني الناس أن أكون عليها، وبطريقة ما يخيب ظنّ أحدهم دوماً».

تقول راين: «تطلّب مني ذلك الكثير من الوقت، من دون أن أعلم أنني أقوم به». على المستوى العام، أصبحت عدائية عندما تخلت عن شخصيتها المحبوبة، لكنها حاولت على حد سواء إرضاء الناس في حياتها الخاصة. تضيف: «كنت كذلك خلال زواجي، وطبقت ذلك على الأرجح في طريقة تربيتي لجاك في المقام الأول. راودني شعور لفترة طويلة بأنني كنت أتنقل بسرعة من مكان إلى آخر كشخص انفعالي لا استباقي. أحل تلك المشكلة وأخمد تلك النار، ومن ثم أشعر بالإنهاك في نهاية اليوم. إنها ليست طريقة ممتعة للعيش، عزمت على أنني لا أريد أن أعيش على ذلك النحو بعد الآن. أردت أن يتقبلني الأشخاص المهمون في حياتي لما أنا عليه، وأردت أن أكون سعيدة وهادئة البال».

الساعية

تصف راين نفسها مراراً بـ«الساعية»، أي الفتاة التي ترعرعت على المبادئ الكاثوليكية وقرأت رواية Siddharta لهيرمان هيسي في الصف السابع، فاعتنقت البوذية. كانت دوماً ترفع يدها في صف تعليم الديانة المسيحية لطرح أسئلة حساسة. «إنه بحث فعلي، فإن كنت ساعياً، فأنت مجرد ساع، ولعلّني بحثت في ذلك الأمر. عدت لتوّي من الهند في أبريل (نيسان) الماضي، بعدما حضرت احتفال تقديس أحد المعابد جنوب الهند. كان الأمر رائعاً واستثنائياً ومخيفاً، احتشد 750 ألف شخص، في حين كان يتوقع حضور 100 ألف».

اصطحبت معها آنذاك دايزي ابنة الثلاثة أعوام، كما تفعل دوماً. بالفعل، لا شيء يوقد نشاط راين مثل الحديث عن ولديها، سواء عن شريط مصوّر مسلٍّ شاهدته مع جاك على موقع YouTube، أو كيف وجدت دايزي في دار للأيتام في الصين، فتأخذ محفظتها وتسحب منها الصورة التي أرسلتها لها الدار للمرة الأولى عن الفتاة، حيث تظهر بخصل شعر منتصبة ونظرة حادة على نحو غريب. توضح راين حول عملية التبني: «لطالما اعتقدت أنني سأقدم على تبنّي أحدهم. يتطلب التبنّي حرصاً وتأنياً، بخلاف الإنجاب أحياناً. عليك أن تكوني صاحية جداً».

خططت دار الأيتام للقاء راين بدايزي في فندق قريب من شانغهاي، فانتظرت راين في مطعم متحرّك على شكل دائري في الأعلى، في حين كانت دايزي في قاعة المؤتمرات في الطابق السفلي تبكي على مدى ساعة ونصف الساعة قبل أن يحضر المسؤولون راين. تخبرنا راين عن حال دايزي: «كانت ترتدي طيات كثيرة من الثياب، ثوباً داخلياً طويلاً يحمل صورة تيليتابي، وطبقة أخرى ومن ثم تلك الكنزة الصوفية الزرقاء. كانت محمرة الوجه تصرخ وتبكي».

أعطاها المسؤولون لراين، «فكفت عن البكاء، أتكلم بجدية. تفحصتني ومن ثم استسلمت للنوم. في الساعات الست إلى الثماني اللاحقة، استيقظت وكانت خائفة ومن ثم راحت تبكي وبعدها استرخت وصارت تلعب معي. كنت لأتصرف مثلها، أي أن أشعر بالخوف ومن ثم أسترخي. كان الأمر أشبه بمخاض مجرد في هذا اللقاء المجنون».

تقول راين إنه لم يخالجها أبداً شعور بأنها كما لو كانت تنقذ ابنتها. «لم يكن الأمر كذلك. رأيت ذلك الوجه وعرفت أن هناك صلة بيننا. علّمتني تلك التجربة الكثير حول أي توقعات في الحياة، فما على المرء سوى إبعادها ورميها».