نادراً ما اختلف في الرأي مع الزميل ساجد العبدلي، لكن أن تأتي مناسبة أو قضية نختلف فيها مع شخص بحجم د. ساجد فهي فرصة جيدة كي تختلف مع الكبار. العبدلي أدلى بدلوه في موضوع «الإعلام الفاسد» عبر مقالين أو أكثر، لكن مكمن استغرابي أنه ربط بين الفساد الإعلامي الحالي والحملة التي تعرض لها النائبان عدنان عبدالصمد وأحمد لاري على خلفية قضية التأبين باعتبارهما وجهين من أوجه ذلك الفساد.

Ad

الخطأ لا يبرر ارتكاب الخطأ. من هنا، فإن التغاضي عن حملة الإعلام الفاسد التي تُشن حاليا، والبحث عن مبررات لها، لأن وسائل إعلام أخرى قامت بهذا الدور في السابق، هو في واقع الحال، أمر غير منطقي، فالخطأ، خطأ، سواء ارتكب اليوم أو قبل عام، وأي حديث غير هذا يدخل في إطار الازدواجية والكيل بمكيالين.

للمرة الأولى أرى الزميل ساجد، على غير العادة، ممسكاً بالعصا من المنتصف، وهو الذي عُرف بصراحته وشجاعته في مواقفه من أي قضية يكتب فيها، نقول هذا الكلام لأن «أبو فيصل» من الكُتّاب الذين يملؤون زواياهم إبداعاً وفكراً سياسياً، وطرحاً عميقاً، وليس ممن يكتبون لمجرد الكتابة وسد الفراغ.

على كل وفي الاطار ذاته، لفت نظري من خلال التعليقات على مقالاتي السابقة عن الإعلام الفاسد، في موقع «الجريدة» وموقع «الآن» الإلكتروني، طرح مشابه، يتهمني فيه بعض المعلقين بأنني وقفت ضد الحملات التي تشنها القنوات والصحف الدخيلة على إعلامنا اليوم، ولم أكن كذلك عند حادثة التأبين.

هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً، ومَن يعود إلى مقالاتي في تلك الفترة سيكتشف الحقيقة، نعم انتقدت تصرف عبدالصمد ولاري سياسياً واجتماعياً، لكنني لم أشكك في وطنيتهما يوما ما، بل طالبت بوقف الحملة الإعلامية التي كانت تُشن ضدهما من بعض وسائل الإعلام آنذاك، وقلت حينها إن صكوك الولاء والوطنية ليست بيد أحد يمنحها من يشاء ويمنعها عمن يشاء، وإن الهجوم على النائبين من بوابة «الانتماء» هو خطر على الوحدة الوطنية.

اليوم كذلك أرفض ما تتعرض له الحركة الدستورية من هجموم خارج إطار النقد السياسي، من قبل تلك الوسائل الإعلامية، فانتقاد «حدس» أمر متاح للجميع، لكن وفق المعايير المهنية، أما الافتراء عليها والطعن في شخوصها، مرفوض جملة وتفصيلا، رغم أن «حدس» مارست للأسف هذا الدور يوما من الأيام، عندما سخرت مطويتها الأسبوعية «الحركة» للهجوم والتجني على كل مَن عارض مشروع «المصفاة الرابعة»، بيد أن ذلك لن يدفعنا لتبني النهج نفسه، وإلا ما فائدة المبادئ والقناعات، إن كانت تجيَّر حسب المصلحة الشخصية أو الحزبية.

* * *

على مدى فترات متلاحقة انتقد مسلم البراك ذاكرا بالاسم، كلاً من الشيخ أحمد الفهد وعذبي الفهد وحمد صباح الأحمد وعلي الجراح ومحافظ البنك المركزي سالم الصباح وغيرهم من أبناء الأسرة الحاكمة الذين نجلَّهم ونقدرهم. انتقاد البراك لهؤلاء الشيوخ تفاوت من حيث الحدة، والتوقيت أيضاً، وقد سارت الأمور طبيعية.

في الجلسة الأخيرة انتقد مسلم وزير الإعلام، فانبرت الشيخة فريحة الأحمد للدفاع عنه والتذكير بمساوئ «أبو حمود» من وجهة نظرها، عبر مقال لها وُزِّع على أغلب الصحف. هنا يبرز تساؤل مهم، ألم يكن الشيوخ السابقون يستحقون من الشيخة فريحة مقالات مشابهة للدفاع عنهم؟ لا أدري! لكنني أتمنى ألا يكون للأمر علاقة بالاقتراح برغبة الذي تقدم به مسلم البراك أخيراً لرعاية الطفولة والأم المثالية العاملة لتمييزها عن غيرها من الأمهات، وهو ما قد يُفسر على أنه بمنزلة سحب البساط من جائزة «الأم المثالية»!