حكم المحكمة الدستورية في السابع من أبريل الحالي بعدم دستورية المادة الخامسة من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية والقضاء بإلغائها، يضاف إلى رصيد المحكمة خلال السنوات القليلة الماضية في الانتصار للدستور بعد النظر في قضايا تم الدفع بعدم دستوريتها في محاكم أقل درجة من قبل المواطنين، فقد كان قانون الإجراءات بمادته الخامسة ينص على أن «الحكم الصادر في جنحة بالغرامة التي لا تجاوز أربعين ديناراً لا يجوز استئنافه من المحكوم عليه ويجوز استئنافه من المدعي...»، وهو ما رأت فيه المحكمة مخالفة للمواد (29) و(34) و(166) من الدستور.

Ad

منذ بداية مسيرة التشريع مع مجلس الأمة الأول، تم إقرار كثير من القوانين واللوائح التي تحمل شبهات دستورية، بل كثير منها يتضمن مخالفات صريحة للدستور، أبرزها تلك المتعلقة بالحريات والمساواة وحقوق التقاضي والدفاع عن النفس، والسبب في عدم تصحيح هذا الوضع الخاطئ هو الاختلال الواضح في مبدأ التوازن بين السلطات، إذ يقتصر حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية كما نص قانون إنشائها على الحكومة ومجلس الأمة أو بدفع من المحاكم الأقل درجة، ويحرم الأفراد من حق اللجوء المباشر إليها، ما يجعلهم في أغلب الأحوال رهن رغبة ومزاج الحكومة والمجلس.

لو كان لجوء الأفراد للمحكمة الدستورية مباشرة حقاً أصيلاً منذ زمن، لما صمد قانون التجمعات البائد منذ السبعينيات حتى عام 2006 عندما أسقطته المحكمة، ولأخذت المرأة حقها السياسي بيدها عبر المحكمة الدستورية من دون انتظار الرغبة الأميرية وحماس الحكومة ومواءمة الأجواء، ولكانت الكويت بيئة أكثر ترحيباً بالمبدعين وإنتاجاتهم الثقافية التي تقبرها الرقابة الحكومية المتعسفة، ولما صمدت نقاط التفتيش غير الدستورية التي تقيمها وزارة الداخلية في الشارع، ولما صمدت مواد قوانين أمن الدولة والإجراءات والمحاكمات التي أتاحت للداخلية التصرف مع المتهمين بطرق تحد من حقوقهم الدستورية والإنسانية كما يحدث حالياً مع الطاحوس وبورمية والخرافي والهاجري، وقبلهم المتهمون بقضايا الإرهاب، وبعض الزملاء الصحافيين في قضايا النشر.

لن يكون الأمر بتلك الصعوبة، كل ما نطلبه من أعضاء المجلس القادم هو إعادة تقديم اقتراح النواب السابقين محمد الصقر وحسن جوهر وحسين القلاف وعلي الراشد ومحمد العبدالجادر، بتعديل قانون المحكمة الدستورية بما يتيح للأفراد حق اللجوء إليها مباشرة، وبعدها لن نطالب النواب بشيء في هذا الصدد، سنتولى الأمر بأيدينا مباشرة مع المحكمة الدستورية، ففي الحكم المذكور ببداية المقال، لم يتطلب الأمر سوى بعض الإصرار من المواطنة المدعى عليها والاجتهاد من قبل محاميها، نتج عنهما إنهاء أكثر من أربعين عاماً من الإخلال بمبادئ المساواة وحق التقاضي المكفولة دستورياً للمواطنين.