حديقة الإنسان: جامعة الأصفار
![أحمد مطر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461781082063313100/1461781089000/1280x960.jpg)
أتامل رأي مليكنا المفدى، وأتساءل: ما الذي تغير إلى الأحسن منذ ذلك الحين؟ ومن أين لنا، الآن، برجل متواضع وحصيف وصريح مثله، ليختزل الحالة بمثل ذلك القول المختصر والمغني عن كل تعليق؟ إن الاختلاف في الرأي والتفكير، وحتى في معنى العروبة لم يعد أمراً ذا أهمية أمام الائتلاف في الكوارث الكبرى التي بدأت بالانقلابات الدموية والغزوات المتبادلة شأن الجاهلية الأولى، ومرت بالاختلاف في معنى الإسلام نفسه الذي تم تفصيله وبيعه في سوق التجزئة على مقاس كل ذي ساطور، وانتهت بإلغاء الشعوب، وتوقيت الدساتير... على نسق القنابل الموقوتة، وتأييد الحكام... على نسق الأحكام المؤبدة، و»جملكة» الجمهوريات على صدور الجماهير التي لا رؤوس لها ولا أقدام، ولا نفوس بها ولا أحلام، وتوريث المسالخ كاملة لأبناء الجزارين، وإرساء الأنظمة على «قواعد» أميركية صلبة في كل شبر من أرض وطننا العربي الكبير، والسعي إلى الإصلاح الذاتي باستبدال المحراث بالبندقية بالنسبة للشؤون الخارجية، واستبدال البندقية بالمحراث بالنسبة للشؤون الداخلية، والتخلي عن أسلوب «العصا والجزرة» البغيض، باستبعاد الجزرة نهائيا عن الموضوع، ومواصلة النضال من أجل تثخين العصا إلى أبعد حدة، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ أمتنا المجيدة!إن فيصل الأول وعبدالرحمن عزام- وكلاهما الآن في ذمة العزيز المقتدر- قد ذهبا، لكن الحسبة الرياضية البسيطة بقيت بعدهما كما هي. ولو أنهما عادا إلى الحياة الآن، بعد أكثر من ستين عاما على إنشاء «كلبشة الدول العربية» لما اختلفت الحسبة إلا في تثخين الأصفار، ولما تردد فيصل الأول عن أن يقول: «صفر + 20 صفراً تساوي صفرا ياعزام... ليس هناك أي واحد صحيح، سواء أكان الأمر بيدك... أم بيد عمرو»!* شاعر عراقي