استفتاءات لا قيمة لها
![ضاري الجطيلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1487518658970718800/1487518666000/1280x960.jpg)
وعودة إلى موقع «الآن،» تم طرح استفتاء «هل تؤيد إزالة الدواوين؟»... وهو سؤال مضلل لأن القضية كانت إزالة التعديات على أملاك الدولة، ولو كان القصد التركيز على الدواوين فإذن لم يحدد إن كان يقصد الدواوين كلها أم المخالفة منها. وفي استفتاء آخر سأل: «هل ترى ضرورة استقالة وزيرة التربية إثر فضيحة الاعتداء الجنسي على التلاميذ؟».... وهنا مجرد ذكر «فضيحة» فيه إبداء للرأي وإثارة للمشاعر وخلق شعور سلبي لدى المشارك، وذلك من شأنه أن يوجه الرأي في اتجاه محدد.ولعل أشهر مثال يجمع المثالين السابقين في التوجيه وعدم إعطاء المعلومة كاملة وإثارة المشاعر هو الاستفتاء الذي قامت به حملة جورج بوش في عام 2000 ضد منافسه جون ماكين في ولاية ساوث كارولينا، عندما كان السؤال: «هل ستؤيد جون ماكين لو علمت أن لديه ابنة سوداء غير شرعية؟»... إذ بمجرد ذكر «سوداء غير شرعية» تم استفزاز المشاعر في ولاية محافظة مازال النَفَس العنصري موجوداً فيها، كما أن الاستفتاء لم يوضح أن ابنة ماكين سوداء لأنها أفغانية، وغير شرعية لأنها ابنته بالتبني وليست كما يوحي السؤال بأنها نتيجة خيانة زوجية... الأمثلة السابقة تجعل الاستفتاء لا قيمة له لسقوطه في اختبار الموضوعية.لقد بات قياس الرأي العام عاملاً أساسياً في تقييم أداء الدول والحكومات والمؤسسات، ونحن نعاني فراغاً كبيراً في هذا المجال، ونعيش في منطقة هي الأحوج لتقييم الأداء في ظل الغياب التام لدور المؤسسات الأكاديمية والبحثية والإعلامية والمدنية في هذا المجال، لدرجة أننا بتنا نعتمد على جهات أجنبية مثل «غالوب» لقياس الرأي عندنا، وللأسف هذا الفراغ تستغله الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية فتستثمر جهل الشارع بأدنى متطلبات المهنية والمصداقية، وتمارس التضليل باستخدام استفتاءاتها للدفع بأجنداتها الخاصة أحياناً.