المجد للعراق

نشر في 17-06-2008
آخر تحديث 17-06-2008 | 00:00
 صالح القلاب

امتلأت شوارع أربيل مساء فوز المنتخب العراقي على أستراليا بمواكب الفرح والمظاهرات، وكانت الهتافات التي أطلقها المتظاهرون والمحتفلون في عاصمة إقليم كردستان، الذي يصر «القومجيون» أكثر من اللزوم على أنه «جيب إسرائيليٌّ عميل»، تنادي: المجد للعراق.

كان انتصار الفريق الوطني العراقي على أستراليا بهدفٍ مقابل صفر في مباريات كأس آسيا يوماً مشهوداً في أربيل وباقي مناطق كردستان-العراق، فحتى كبار المسؤولين في رئاسة وحكومة «الإقليم» تخلوا عن كراسيهم الرسمية وتحلقوا حول شاشات الفضائيات، وكانوا كغيرهم من الناس يطلقون صراخ الفرحة المدوي عندما يتقدم «فريقهم» في ميدان المواجهة ويطلقون صفير الاستنكار المصحوب ببعض الشتائم العراقية المعهودة، ومن الوزن الثقيل عندما يتقدم الخصم من مرمى الهدف العراقي.

في سنوات سابقة وعندما كانت بريطانيا تصنَّف على أنها عدو استعماري وإمبريالي، وأنها صانعة دولة إسرائيل ومنحازة للحركة الصهيونية، وكانت منظمة التحرير قد أُخرجت مهزومة من لبنان ذهب صحافيٌّ عربي من العاملين في صحف لندن العربية الى إحدى دوائر الأحوال المدنية والجوازات لمقابلة اللجنة المتخصصة والمعنية بمنح الجنسية البريطانية لطالبيها الذين استوفوا شروط الحصول على هذه الجنسية، وخلال لقاء هذه اللجنة واجهه أحد أعضائها بسؤال مباغت: هل تحب بريطانيا على أنها بلدك وعلى أنها وطنك الأول؟!

صمت قليلاً وهو يشعر أن رعدةً هاجمت أعصابه على حين غرة، وأن هواءً بارداً استهدف شرايين قلبه ثم قال: «حتى أكون صادقاً فإنني لا أعرف... ولكن الذي أعرفه تماماً هو أنني وأطفالي وزوجتي نعتبر أي انتصار للفريق البريطاني في أي مباراة دولية بمنزلة عرسٍ لأحب الأحبة»... عندها قال رئيس اللجنة وهو يمد يده لمصافحة الصحافي العربي: ألف مبروك لقد أصبحت بريطانياً منذ هذه اللحظة.

في الفترة التي كانت تجري فيها المباراة الفاصلة بين الفريق الوطني العراقي والفريق الأسترالي كنت أواجه أسئلة سياسية حول آخر مستجدات الوضع في العراق والشرق الأوسط، أمطرني بها أحد إعلاميي التلفزيون الرسمي الناطق باسم حكومة «الإقليم» في كردستان-العراق، وهكذا ولأنني ظننت، وبعض الظن إثم، أن أهل كل تلك المنطقة قد تابعوا ما قلته وما رددت به على أسئلة هذا الإعلامي الذي تصرف وكأنه يخوض معركة من المعارك التي خاضتها قوات «البيشمركة» ضد نظام صدام حسين، فقد بادرت سائق السيارة التي أقلتني من مبنى التلفزيون إلى حيث كنت أقيم: هل تابعت الحلقة؟ وهل أعجبك ما دار فيها من أسئلة وأجوبة؟!

لقد توقعت أن يكون جوابه مجرد مجاملة لي... لكنه فاجأني بقوله: «أُستاذ أنا لم أسمع ما قلته... لقد كنت منشغلاً بشيء أهم، لقد تابعت مباراة فريقنا فريق العراق مع الفريق الأسترالي، لقد انتصرنا عليهم، لقد انتصر العراق العظيم، هل شاهدت هذه المباراة يا أستاذ؟!

امتلأت شوارع أربيل ذلك المساء بمواكب الفرح وبالمظاهرات، وكانت الهتافات التي أطلقها المتظاهرون والمحتفلون في عاصمة إقليم كردستان، الذي يصر «القومجيون» أكثر من اللزوم على أنه «جيب إسرائيليٌّ عميل»، تنادي: عراق... يا عراق... المجد للعراق.

* كاتب وسياسي أردني

back to top