الائتلافية ... نعمة أم نقمة على حدس ؟!
لم يلق تنظيم الإخوان المسلمين الكويتي- الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»- من قبل نكسة انتخابية كما حدث في انتخابات 2009 البرلمانية، فالإخوان دائما كانوا يُمثَّلون بأكثر من نائب في مجلس الأمة منذ دخولهم إلى السلطة من أوسع أبوابها عبر تعيين العم يوسف الحجي رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي معقل وواجهة التنظيم محلياً في الحكومة التي أعقبت حل مجلس 1976، وتضمن مرسوم تشكيل الوزارة- في سابقة لم تتكرر- إلى جانب منصبه الوزاري صفته كرئيس لجمعية الإصلاح، ليدشن بذلك عهد التحالف بين السّلطة وبينهم.
وبعد عام واحد أي في عام 1977 شُكِّلت القائمة الائتلافية الطلابية في جامعة الكويت بدعم كبير من طرفي التحالف الوليد، ولم يمر عامان حتى تسلمت تلك القائمة الاتحاد الوطني لطلبة الكويت 1979، وحتى يومنا هذا، وعلى مدى ثلاثين عاماً، وعلى الرغم من هذه المدة الطويلة من سيطرة التنظيم الشبابي الطلابي للإخوان على مرفق شبابي مهم هو جامعة الكويت وامتداده لاحقاً إلى المعاهد والكليات التطبيقية وتجمعات طلابية خارجية في مراحل سابقة، فإن قواعدهم الشبابية الآن تتآكل بشدة خصوصا في الدوائر والمناطق الانتخابية الداخلية. لاشك أن قيادات وكوادر «حدس» يعلمون أن شباب المناطق الحضرية لديهم تململ وسخط مما يفعله بهم «الائتلافيون» في الجامعة ومرافق تعليمية أخرى، فـ«الائتلافية» تسيطر على الاتحاد بواسطة أصوات طلبة وطالبات المناطق الخارجية المحافظة، وغالبا ما تكون صناديق كلية البنات والتربية هي المرجحة لهم، وهي كليات يفضلها أسر طالبات تلك المناطق، وهذه الأصوات لا تفيد «حدس» في المناطق القبلية وتزيد من خسائرها في الدوائر الداخلية! بينما لا يوجد حالياً أي حضور مؤثر لهم في اتحادات الجامعات الخاصة، ومراكز الابتعاث الكبيرة خارج البلاد. حالة التململ الشبابية تلك كانت بداية ردة فعلها بانتفاضة شبابية في المناطق الداخلية بإقصاء الإخوان عن السيطرة على الجمعيات التعاونية، التي كانوا يهيمنون عليها منذ عقد الثمانينيات خصوصا من جمعيات الروضة والخالدية والعديلية والسرة وبيان... إلخ. وشملت أغلبية المنضوين والمحسوبين (نصير) على الإخوان، حتى أصبحوا أثرا بعد عين في كل الجمعيات التعاونية في المناطق الداخلية منذ بداية العقد الحالي حتى الآن، وإنك تلاحظ في حملات «حدس» الانتخابية الأخيرا تناقصا ملفتا للوجوه الشبابية في ماكيناتهم الانتخابية، ولا تجد غالبا فيها سوى وجوه جيل الثمانينيات من كوادرهم وأنصارهم الذين تسلموا مناصب مهمة في الدولة والشركات التابعة لها وبيت التمويل الكويتي وأذرعه من شركات استثمارية وعقارية، الذين مازالوا ملتزمين بارتباطاتهم تلك بسبب ما حصلوا عليه من امتيازات، ومنهم من كان من قيادات «الائتلافية» سابقا. ما يشهده تنظيم الإخوان المسلمين الكويتي من تراجع شديد في روافده الشبابية رغم الإمكانات الضخمة المتوافرة لهم، هو تحدٍ يستوجب أن يتفكروا فيه جديا، ويراجعوا مدى الخسائر التي يجنونها من تفاخر مكلف بسيطرتهم على اتحادات طلابية أصبحت مساوئها عليهم أضعافا مضاعفة لمنافعها. فأغلبية الجيل الشبابي تخرج من الجامعة ساخطة بسبب مشاكل الشُعَبْ المغلقة، وما ينتج عنها من تأخر التخرج، والتزمت وضيق الأنشطة الطلابية ومحدوديتها في هذه المرحلة العمرية المهمة بسبب قوانين يفرضها عليهم من يهيمن على اتحاد الطلبة، ومن وراءه من تنظيم سياسي، لاسيما منها منع التعليم المشترك وخلافه. هذا الجيل الساخط يسعى إلى إيصال صوته الرافض لهم في أول انتخابات مهنية أو تعاونية أو برلمانية يكون فيها الإخوان في ملعبهم وحدهم دون مساندة خارجية، وهو ما يشهده التنظيم منذ سنوات دون أن يعي الدرس... ولكنه بلاشك الآن يتساءل هل «الائتلافية» نعمة أم نقمة عليه؟ والإجابة معروفة. فالأصوات التي حصلوا عليها في الدوائر الانتخابية الثلاث (الأولى، والثانية، والثالثة) في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت من قواعدهم التقليدية القديمة دون أن تحقق أي نمو من الأصوات الشابة التي دخلت الوعاء الانتخابي، والتي لم يكن لها وجود ملحوظ في مقارهم الانتخابية، بينما كانت تضج المقار الانتخابية لمنافسيهم وماكيناتهم فكريا ومنهجيا بالشباب من الجنسين الذين يريدون الانعتاق من سيطرتهم خلال أهم مراحل تكوين الفكر والشخصية في الجامعات والكليات، والتي تبقي حالتي الرفض والمقاومة راسخة فيها مع الإنسان طوال حياته. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء