لولا أن عامل الوقت لم يعُد مسعفاً، لكان المفترض أن يتم التفاهم مع قطر على ضرورة ان تنعقد القمة العربية -التي من المقرر انعقادها بالدوحة في نهايات مارس المقبل- في المنامة، والسبب هو ضرورة إفهام أصحاب الأصوات التي تصدر من طهران وتتقصد المسّ بسيادة مملكة البحرين، ان هذا البلد العربي ليس وحده وأن الإساءة إليه إساءة للعرب كلهم، وأنه إذا أراد «الأشقاء» الإيرانيون جواراً حسناً وأخوة إسلامية، فإن عليهم ان يضعوا حداً لادعاءات باطلة كان ادعاها محمد رضا شاه، وكان يجب ان تذهب معه وتنتهي مع نهاية عهده غير المأسوف عليه.

Ad

في كل مرة، وكلما ساد اعتقاد بأن الشاه السابق قد ذهب وذهبت معه ادعاءاته وتطلعاته العدوانية تجاه مملكة البحرين، العربية جغرافياً وديموغرافياً، وتجاه الخليج العربي كله، ينطلق صوت حاقد ليكرر باسم الجمهورية الإسلامية -وللأسف- مزاعم غير صحيحة وغير محقة، ومن المفترض ان الزمن قد عفا عليها، وأنها قد أصبحت من مخلفات ماضٍ من المفترض أن نظام الثورة الذي أصبح عمره الآن ثلاثين عاماً قد جاء ليتخلص منه، ويقطع الصلة به وبأطماع أصحابه.

إنها ضرورية كل هذه الزيارات التي قام بها الى مملكة البحرين أخيراً بعض القادة العرب، لكن لإفهام «الأشقاء» في طهران أن عليهم ان يُخرِسوا هذه الأصوات المبحوحة، لا بد من النظر جدّياً رغم ضيق الوقت في نقل القمة العربية المقبلة من الدوحة الى المنامة، وحقيقة ان هذا يتطلب تفاهماً مسبقاً مع القيادة القطرية التي هي بلا أدنى شك الأكثر تفهماً لضرورة الوقوف الى جانب دولة شقيقة تتعرض لكل هذه التهديدات التي تتعرض لها، خصوصا في هذا الوقت بالذات.

إنه من الممكن ان تتحول القمة المقبلة، التي هناك في انتظارها جدول أعمال مزدحم بالكثير من القضايا الملحة في مقدمها القضية الفلسطينية، الى قمة للتضامن مع مملكة البحرين، لكن لإفهام أصحاب الأصوات المرتفعة في إيران ان الموقف العربي إزاء هذا الأمر الخطير الذي من غير الممكن السكوت عليه قوميّاً، هذه المرة جديٌّ، فمن الأفضل لو ان هذه القمة تنعقد في المنامة، مع الاحتفاظ لقطر بأن تنعقد عندها عشرون قمة عربية مقبلة.

لقد تكررت هذه الاستفزازات المقصودة لمملكة البحرين، وهذا يتطلب موقفاً عربياً أقلّه عقد قمة عاجلة في المنامة، لإفهام القيادة الإيرانية التي يسمع العرب منها دائماً وأبداً أنها تريد علاقات حسنة مبنيّة على التاريخ الواحد والمصالح المشتركة، ان هذه التصرفات لا تتلاءم مع ما تقوله، وأنه عليها حتى تثبت حسن نواياها ان تُخرِس هذه الأصوات النشاز التي لا يمكن تصديق أنها لا تعبر إلّا عن أصحابها ولا يمكن تصديق ان الالتزام بالديمقراطية السائدة هو الذي يحصّنها ضد أي إجراء وأي مساءلة.

قبل فترة كان الرئيس محمود أحمدي نجّاد قد شارك في قمة الدوحة الطارئة، وكان أيضاً قد شارك في قمة عربية خليجية سابقة، وهذا من المفترض ان يجعله أكثر حسماً وحزماً مع أصحاب هذه الأصوات النشاز التي تصدر من طهران والتي للأسف تدّعي النطق باسم الجمهورية الإسلامية... إن المثل العربي يقول «إن الذي يتعرض للدغة الأفعى يصبح يخشى جرَّة الحبل»، وهذه هي حال العرب بعد الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث.

كاتب وسياسي أردني