حتى بطلة فيلم «احنا اتقابلنا قبل كده»، نيللي كريم النجمة الشابة والممثلة الموهوبة أبدت دهشتها مما جاء عليه فيلمها في ما ذكرته في إحدى الصحف ونشر في (23/4/2008) وقالت فيه «كانت لي تحفظات على العمل ككل، كان شعوري أني غريبة عن الفيلم حين شاهدته في عرضه الخاص، وقد شعرت أنه «ستايل» غربي في تناوله للعلاقات الإنسانية».

Ad

هذا «القلق» أو تلك «الغربة» التي أحست بهما البطلة حينما شاهدت فيلمها مكتملاً، للمرة الأولى، أمر طبيعي، فالفيلم يقدم علاقتين على نحو أقرب إلى المواكبة والمقابلة أو المونتاج المتوازي، ما بين «سارة» (نيللي كريم) و«داليا» (كارولين خليل)، الأولى ضمن مؤسسة الزواج التي يؤكد الفيلم فشل صيغتها، والثانية تنطلق مع حبيبها (الطيار) في حياة أقرب إلى المثالية، طالما هي بلا توثيق أو التزامات رسمية، وهذه هي المشكلة.

ربما هي المرة الأولى التي تقدَّم فيها هكذا قضية في فيلم مصري، فالفشل والإحباط قرين الزواج، والنجاح والانطلاق رهن بالتخلي عن صيغته، وكأن الحفاظ على العلاقة والتفاصيل الجميلة ومشاعر الحب والحرية، بحسب الفيلم، لا تكون إلا بعيداً عن الشرعية، فالزواج مشروع لتحطيم الحياة والحب والحرية.

تلك هي الأطروحات التي بدأت تتسلل الى مضامين ومفاهيم السينما المصرية المعاصرة، أحياناً بخجل وأحيانا أخرى بصورة مباشرة مثل فيلم «الأبواب المغلقة» الذي قدم علاقة حب كاملة من دون تأكيد الزواج أو ضرورته، والحق أن هذا الفيلم جاء على جماليات ناضجة وبإمتاع بصري فني ملحوظ، على الرغم من أنه الأول لمخرجه عاطف حتاتة.

وهكذا تقدم السينما الحب مقترناً بالجنس وليس بالزواج بالضرورة في أفلام عدة مثل «الأبواب المغلقة»، و»الباحثات عن الحرية» للمخرجة إيناس الدغيدي، و«ويجا» للمخرج خالد يوسف الذي يؤكد من خلاله أو غيره من أعمال، السخرية من مقولة اقتران ربط الشرف بغشاء البكارة لدى المرأة، وهذا حق فالشرف معناه أعمق وأشمل، لكن ليس حقاً في الوقت نفسه أنه لا يشمل الجسد في ما يتضمن، ففي «ويجا» يتعدد هذا النوع من العلاقات، في «بلد البنات» أيضا حيث نتابع حكاية أربع فتيات تزاملن في المدينة الجامعية، واشتركن في تأجير شقة بعد التخرج، وبحثت كل منهن عن عمل فوجدته، مع مختلف المشكلات المصاحبة له، لكن كل منهن بحثت في اللحظة نفسها وربما بحرارة أكبر عن علاقة مع رجل، فوجدتها إحداهن مع متزوج كبير، سناً ووظيفة (طارق التلمساني)، والثانية مع رجل تقول إنها كانت على أتم استعداد لأن تمنحه نفسها (لو كنت شعرت معه بالأمان ووعدني بزواج أو علاقة دائمة)، ووجدتها الثالثة القليلة الثقة بالنفس، خاصة بسبب «بثور» بالوجه واعتقاد بافتقاد الجمال وبعد أن أقامت معه علاقة (تقول شعرت بقرف) ربما لأنه كان مماثلاً لها في شيء من ذلك، أما الرابعة (ريم حجاب) فقد ألقت بنفسها سريعاً في حضن أول رجل لوّح لها ولم تنتظر منه وعداً بشيء على الإطلاق، فهو رجل متزوج، وفي حوار جاء على لسانها «لا تعد بما لا تقدر عليه أعرف أن لديك بيتك وزوجتك» وحينما حملت منه أدار ظهره لها فلم تلح، بل ذهبت مع صديقتها وأجرت عملية الإجهاض، ولم تلم إلا أهلها الذين حذروها من التفريط بجسدها (في حوار حزين مع صديقتها فيه هذا التناقض الواضح!).

دافعت كاتبة الفيلم علا الشافعي عن بطلاتها رداً على منتقدين في الندوة التي أعقبت عرضه خلال المهرجان «القومي للسينما المصرية»: «إنهن لم يسقطن وليست هذه صور أو أنواع انحراف أبداً، بل هي كلها مجرد «تجارب في حياتهن»، وما حيرتهن إلا بسبب المجتمع وتربية الأهل الخاطئة، والآباء الذين أخافوهن كثيراً من المساس بالجسد وطالبوهن بحمايته لأن فيه شرفهن.

ترى ماذا كن سيصنعن لو لم يكن الأهل والآباء قد أخافهن... أو طالبهن بذلك؟