مجلس الضوابط الشرعية!
إن هناك جملة من الملاحظات يجب إثارتها في هذا الخصوص، أولاها: لماذا هذا التوقيت؟ ولماذا لم يتم مثل هذا الطلب في المجلس السابق عند تعيين نفس وزيرة التربية الحالية؟ والثانية تندرج تحت المفهوم الفقهي الصحيح لقاعدة الضوابط الشرعية، أما الثالثة فهي الأساليب المكشوفة المجرمة قانوناً وشرعاً التي توصل البعض إلى قبة البرلمان.
الالتزام بالضوابط الشرعية مطلب ديني مقدس واجب الطاعة، ومجلس الأمة كمؤسسة تشريعية ورقابية هو المحك الأول لتجسيد هذا المبدأ بلا أدنى شك، ولكن بعيداً عن الانتقائية والشخصانية وتبعاً لمسافات التغييرات السياسية.فالضوابط الشرعية كل لا يتجزأ ولا يمكنها أن تطبق على الأنثى دون الذكر كما أنها ليست موسمية لتفرض بالصيف وترفع في الشتاء، وقد ذكرت هذا المعنى في الفصل التشريعي العاشر أثناء مناقشة قانون الحقوق السياسية للمرأة الذي سقط بفارق صوتين في تلك الفترة. وعلى الرغم من عدم الاعتراض كمبدأ على طلب بعض النواب إحالة قانون الانتخابات إلى اللجنة التشريعية لبحث موضوع الضوابط الشرعية وتطبيقاتها على وزيرتي التربية والإسكان فإن هناك جملة من الملاحظات يجب إثارتها في هذا الخصوص، أولاها: لماذا هذا التوقيت؟ ولماذا لم يتم مثل هذا الطلب في المجلس السابق عند تعيين نفس وزيرة التربية الحالية؟ وأين كان موقف الكثير من النواب الذين يؤيدون هذا الطلب اليوم من مسألة طرح الثقة بالوزيرة نفسها خصوصا أولئك الذين تفننوا في إيجاد المخارج الشرعية والحجج الفقهية لحمايتها من السقوط السياسي؟!وثانية هذه الملاحظات تندرج تحت المفهوم الفقهي الصحيح لقاعدة الضوابط الشرعية، فحسب معلوماتي السطحية فإن العدالة في الفقه تعني الالتزام بالواجبات والامتناع عن المحرمات، وإذا كان الحجاب الشرعي أحد الواجبات الشرعية الموجبة للمعصية والمسببة لخدش العدالة، فإن هناك محرمات كثيرة توجب نفس التبعات من الناحية الفقهية منها الكذب والغيبة والافتراء التي قد يمارسها بعض الوزراء والنواب بشكل منتظم ضمن إطار قواعد اللعبة السياسية، فما إسقاطات ذلك على الضوابط الشرعية الموجبة لسريان عضويتهم خصوصاً أنها مرتبطة برابط مقدس وهو القسم الدستوري الموجب لأداء أعمالهم بالأمانة والصدق؟!وأما الملاحظة الثالثة ولعلها الأخطر سياسياً وليس فقط من الناحية الشرعية فهي الأساليب المكشوفة المجرمة قانوناً وشرعاً التي توصل البعض إلى قبة البرلمان كالمال السياسي وشراء الذمم والانتخابات الفرعية، التي تهدم أركان تكافؤ الفرص الدستورية بين المرشحين، مروراً بمختلف أشكال التحايل الانتخابي، وما يتبع ذلك من مواقف وقرارات تنعكس مباشرة على الحياة اليومية لآلاف من الأسر والمواطنين، بل تمس قوتهم اليومي وتحدد مستقبل الأجيال وتوجه مقدرات البلد برمته.ألسنا بحاجة حقيقية، انطلاقاً من نفس المفاهيم الشرعية والأخلاقية والوطنية، أن نطبق ونجسد المفاهيم والمعايير الكفيلة بالنزاهة والأمانة والمصداقية على الجميع؟وسؤال أخير قد لا أملك الإجابة عنه بخصوص الضوابط الشرعية للمرأة الوزيرة أو النائبة: أيهما أخطر وأشد في الميزان الديني المتبرجة الأمينة أم الحرامية وهي مغطاة من قمة رأسها حتى أخمص قدميها؟ وبالتأكيد هذا السؤال ينطبق تماما على الرجل؟!