«السياسة فن الممكن»... «في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة». عبارتان يتداولهما الكتّاب والسياسيون للتبرير والتعبير عن تبدل الآراء وتباين المواقف. ومن أكثر التعبيرات التي سمعناها في الفترة الأخيرة على مستوى العالم العربي تعبير المصالحة والتصالح وتنقية الأجواء ولمّ الشمل... إلخ.

Ad

فمنذ قمة الكويت الاقتصادية ومفاجأة الصورة التي تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء كانت تضم الملك فهد والرئيسين مبارك والأسد وأمير قطر ومضيفهم أمير الكويت، وعبارة قمة التصالح والمصالحة العربية الكبرى والكثير من العبارات المتفائلة يتناقلها الكتّاب، ولكن بعد انتهاء القمة الاقتصادية عدنا إلى نقطة الصفر، أو فوقها بقليل، وتأكد المواطن العربي أن ما حدث في الكويت ليس أكثر من الجزء الثاني من فيلم الراحل أحمد زكي «اضحك الصورة تطلع حلوة».

وبعد أكثر من شهر كانت القمة الرباعية في الرياض، وضمّت الزعماء السابقين باستثناء أمير قطر، وقام الرئيس السوري برحلات سريعة إلى الدوحة وعمّان من أجل تنقية الأجواء، والإعداد لمؤتمر القمة العربية القادم في الدوحة، أو إن شئت الدقة الإعداد للصورة القادمة للمصالحة العربية، والحقيقة– مع الأسف الشديد- أن المواطن العربي لا يشعر بأي أجواء إيجابية أو تفاؤل من كل ما يحدث أمامه، فقد اعتاد المواطن العربي خلال أكثر من 40 عاما (منذ بدأت القمم العربية) على خلافات الرؤساء والحكام العرب.

وينشط البعض قبل انعقاد القمة للمصالحة، ثم تعود الأمور إلى ما هي عليه على طريقة الفضائيات العربية (فاصل ونواصل) ويكفي برنامج وثائقي هنا أو تصريح هناك لتعكير الجو العربي بالكامل، وتحويل الصورة إلى صورة عابسة وحزينة، وتحويل الوطن العربي إلى أحلاف وتكتلات يسعى كل طرف إلى إفشال الطرف الآخر (كما صرح ذات يوم وزير خارجية أكبر دولة عربية مزهواً بنجاحه في إفشال مؤتمر دعت إليه دولة خليجية).

وأكثر ما يُشعِر المواطن العربي بالأسى والضيق والألم وفقدان الأمل أن الخلافات بين الرؤساء العرب هي في أصلها خلافات شخصية... كلمة هنا أغضبت حاكماً هناك، وتصريح هناك أثار ملكاً هناك، أما مصلحة الشعوب الحقيقية ومستقبل المواطن العربي فبعيد كل البعد عن أسباب الخلاف، وبالتالي فالمواطن بعيد تماما عن أسباب التفاؤل الإعلامي المزعوم.

ومن أكثر القضايا كذلك التي حظيت بالتفاؤل الإعلامي المصالحة بين «فتح» و«حماس» وكالعادة ذهبت المصالحة أدراج الرياح، ولم ولن يحدث شيء، واستمر الخلاف بين الفريقين حول اسم وزير أو منصب زميل، وللأسف فالخلافات أيضا شخصية، ولن يقبل أبومازن برأي مشعل، ولن يستمع هنية لفكر صائب (تورية) دون النظر إلى ما يتمناه الفلسطيني المحاصر في غزة أو الفلسطيني الأسير في رام الله، فكل شيء يهون في سبيل المخاصمة الشخصية بين الحكام العرب، وتبقى صورة المصافحة على سبيل الإعداد للجزء الثالث من فيلم أحمد زكي.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء