الرسوم المتحرّكة... إلى أين؟

نشر في 07-11-2008 | 00:00
آخر تحديث 07-11-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين «هذه الحلقة النقاشية بمثابة احتفال بفيلم الرسوم المتحركة الساحر... قاسمونا هذا الاحتفال»، هكذا بادر المخرج والناقد سيد سعيد الباحثين والنقاد في مهرجان الإسماعيلية الدولي في مصر، في مستهل حلقة نقاش بعنوان «أفلام الرسوم والدمى والمجسمات المتحركة: التقنية – الجمالية – الهوية» التي أعدها وأشرف عليها.

في لمحة تاريخية، أشار المجتمعون إلى عالم «والت ديزني» الذي جعل من فيلم الرسوم المتحركة فناً يعتد به بين الفنون، وكانت أول أفلامه الطويلة «سنو وايت والأقزام السبعة» عام 1938.

مما لا شك فيه أن ديزني الذي توفي عام 1966 كان أحد أبرز مخرجي أفلام الرسوم المتحركة في القرن العشرين. لم تكن حينها أفلام الرسوم المتحركة احتكاراً أميركياً، بل كانت منتشرة في رقعة واسعة من العالم، وكانت لها اتجاهات كثيرة ومدارس متنوّعة.

من جذور أو «أمس» سينما التحريك إلى حاضرها، وما بلغته اليوم قضاياها، أشار النقاد في النقاش الى فناني فيلم الرسوم المتحركة المعاصر في بلادنا وفي العالم، موضحين أن بعضهم يكمل مسار تجارب الرواد، فيما يتّخذ بعضهم الآخر اتجاهاً مغايراً يتخطى الأساليب والنماذج كافة، في سعي دائب لامتلاك خصوصيته، فتتعدد الرؤى وتتمايز بشكل يدعو الى الانتباه والدهشة.

قطعت أفلام التحريك شوطاً بعيداً في تطوّرها المتسارع والمذهل، ليس في مجال التقنيات أو في تعدّد الأساليب وتنوّعها فحسب، بل أيضاً في جرأة المحتوى والمواضيع وجنوح الخيال. أصبح أي شيء وكل شيء مجالاً للتعبير، ولم يعد فيلم الصور المتحركة يكتفي بكونه كاريكاتوراً متحركاً ولا وسيطاً لتسلية الأطفال بحكايات تساهم في نشأتهم، وهو هدف مشروع. بل بدأ يتجاوز ذلك كله ليناقش قضايا الإنسان السياسية والاجتماعية والفلسفية والوجودية، ويخترق المسكوت عنه سياسياً وأخلاقياً ودينياً، حتى أن بعض الأفلام وُصف بأنه غامض ومربك، ويتحرك على حافة الجنون واللامعقولية.

على رغم ذلك يمكن القول بثقة إن فيلم الرسوم المتحركة أصبح أكثر ملامسة لروح الإنسان ووجدانه، لأنه لم يكفّ عن معانقة رؤى الطفل الثري فنياً وتبني المعرفة العفوية كمعرفة جوهرية، بلغة خارج الزمان والمكان، حيث الخيال بلا حدود، وكما قال بيكاسو: «اعتدت أن أرسم مثل رافييل، لكن الأمر تطلّب مني حياة كاملة كي أتعلم كيف أرسم مثل الأطفال».

أصبحت أفلام الرسوم والدمى والمجسمات المتحركة راسخة في العالم، بما تمثله من تنوّع وغنى في مضمونها وأسلوبها، فازدادت قيمتها في الأسواق العالمية، وأصبحت أحد مصادر الدخل القومي في بعض البلدان. وقد شهدت شاشة مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي نماذج من هذا التنوّع المذهل.

تكفي الإشارة إلى تلك الإيرادات «الفلكية» التي حققها بعض أفلام الرسوم المتحركة الطويلة مثل «الملك الأسد» و»أنستاسيا»! بالإضافة الى أن الاستثمارات في هذا المجال تزداد على نحو متسارع، ودائرة المهرجانات الدولية المتخصصة في أفلام الرسوم المتحركة تتسع لتشمل القارات الخمس.

أين نحن في مصر من ذلك كله؟ بالطبع لدينا رواد في هذا المجال حققوا إنجازات رائعة، ولدينا شباب يثبتون كفاءتهم يوماً تلو آخر، لكننا لا نعطي هذه الأفلام ما تستحقه من تقدير واهتمام.

في حلقة النقاش، أهدى المشاركون عملهم إلى «مبدعي خيال الظل المصريين»... مؤكدين الشكر والامتنان «لهؤلاء الرواد، المكتشفين، السحرة، الذين لولاهم لما كان لدينا الآن أحد أجمل فنون العصر».

back to top