على شعوب منطقة الخليج كافة، بعد أن ذاقت ويلات الحروب العبثية المدمرة، ألا تكتفي بالمشاهدة واللامبالاة تجاه ما قد يؤدي إلى حرب خليجية أخرى مدمرة، وأن تبدأ في تنظيم حملة شعبية ترفع شعار «لا للحرب... ونعم للتعايش السلمي والتفاوض السياسي» من أجل الضغط على أطراف النزاع كافة لتجنيب المنطقة ويلات الحروب والقبول بالحلول السياسية السلمية.لابد للمتابع من أن يتساءل بقلق، ترى هل هي مصادفة أن نقرأ في اليوم نفسه (صحيفة الجريدة ليوم الخميس 28-6-2008) عناوين رئيسية تقول: «الرياض تعتقل 520 قاعدياً وخلية خططت لتفجير النفط»، و«البحرين تقوم برصد وكشف عناصر متورطة مع الجماعات الإرهابية»، و«اعتقال 10 إرهابيين في صنعاء وحضرموت»، و«الكويت توقف سعودياً متهماً بتمويل الإرهاب»؟
مرة أخرى... هل هي مجرد مصادفة أن يتم الاعلان عن اكتشاف هذه الخلايا الإرهابية كلها دفعة واحدة، وفي الوقت نفسه في أغلب دول المنطقة؟ أم أنها تأتي كجزء من التسريبات الإعلامية المقصودة والمترافقة مع التحضيرات والاستعدادات الجارية للحرب على إيران، والتي بدأت الولايات المتحدة الأميركية بقرع طبولها على مقربة منا؟
بالتأكيد أن هنالك تحضيراً لأمر ما... فهل هذه هي نذر الحرب يا تُرى؟ يبدو أنها بالفعل كذلك، فهل نكتفي، نحن شعوب المنطقة، بمجرد انتظار اندلاع الحرب التي ستكون مدمرة؟ أم أنه يجب علينا أن نقوم بعمل شيء ما؟
ثم... هل يمكننا أن نتجاهل ما قاله مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السيد محمد البرادعي قبل نحو أسبوع بأن «أي ضربة لإيران ستحول الشرق الأوسط إلى كرة لهب»؟ أم هل باستطاعتنا أن نغض النظر عن التهديد الأخير لقائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري بالسيطرة على مضيق هرمز في حال نشوب نزاع مع الولايات المتحدة، وتحذيره دول المنطقة من السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها ضد بلاده؟
وعلاوة على ذلك، هل نكتفي بتطمينات المسؤولين الرسميين بأننا لسنا طرفاً في النزاع الإيراني- الأميركي، والكل يعرف أن القواعد العسكرية الأميركية منتشرة على طول المنطقة وعرضها؟
ألا تكفينا الحروب المدمرة التي عايشناه على مدة الثلاثين عاماً الماضية، بدءاً بالحرب العراقية- الإيرانية التي استمرت لثمانية أعوام، مروراً بحرب تحرير الكويت وانتهاء بحرب إسقاط النظام الصدامي الوحشي في العراق؟
ألا تستحق شعوب المنطقة أن تعيش بسلام وتحل مشاكلها من خلال التفاوض السلمي، لتتنفس هواء نقياً وتشرب مياها خالية من التلوث الإشعاعي، وتأكل غذاء خالياً من الملوثات البيئية، بعد أن تسببت الحروب المدمرة التي مرت على المنطقة في تلوث الماء والهواء والأرض، وزادت بالتالي من معدلات الأمراض المزمنة والفتاكة؟ ثم أليس من المفروض أن تتفق دول المنطقة على إيقاف سباق التسلح الذي يستنزف الميزانيات الضخمة (تجاوز الإنفاق العسكري في دول التعاون 300 مليار دولار خلال الثلاثة عقود الأخيرة)، والقيام بدلاً من ذلك بإنفاق هذه المبالغ الفلكية على تحسين الرعاية الصحية والتعليم وتطوير الخدمات الاجتماعية وتجديد البنى التحتية المتهالكة؟
أسئلة كثيرة مقلقة ومحيرة، ولكن وأمام هذا المشهد المرعب لما يتم التحضير له، فإن على شعوب منطقة الخليج كافة، ممثلة في قواها السياسية والشعبية جميعها ومنظماتها المدنية كافة، بعد أن ذاقت ويلات الحروب العبثية المدمرة، ألا تكتفي بالمشاهدة واللامبالاة تجاه ما قد يؤدي إلى حرب خليجية أخرى مدمرة، وكأن الأمر لا يعنيها، بل عليها أن تبدأ في تنظيم حملة شعبية ترفع شعار «لا للحرب... ونعم للتعايش السلمي والتفاوض السياسي» من أجل الضغط على أطراف النزاع كافة لتجنيب المنطقة ويلات الحروب والقبول بالحلول السياسية السلمية.