كما توقعنا عادت الأزمة السياسية بشكل أكثر حدة من ذي قبل مما يجعل الاحتمالات كلها مفتوحة بما فيها الاحتمال الأكثر سوءا، وهو الانقلاب على النظام الديمقراطي تحت ذريعة الأزمات المتكررة و«توقف» التنمية. أو الاحتمال الآخر الذي لا يقل عنه سوءا، وهو الانقلاب «الناعم» على الدستور المتمثل في الإبقاء على مجلس صوري تنحصر مهمته في تفريغ الدستور والنظام الديمقراطي من محتواهما.

Ad

وللأسف... فإن الاقتراحات كافة المطروحة على الساحة السياسية حتى الآن لمعالجة الأزمة لا تذهب لجوهر المشكلة ولا تتطرق إلى الأسباب الحقيقية لها، بل تغرق في التفاصيل وتركز على معالجة النتائج، وهي في ذلك مثل الطبيب الذي يعالج حبوب الطفح التي تظهر على الجلد نتيجة لمرض عضوي وينسى معالجة «الفيروس» المسبب لهذا المرض.

إن الأزمات السياسية المتكررة تثبت لنا المرة تلو الأخرى أننا بحاجة إلى إصلاح وتجديد وتطوير نظامنا الديمقراطي الذي تعرض للعبث والتخريب أكثر من مرة وأصبح وضعه مشوها بحيث لم يعد يمت بصلة، في أغلب جوانبه، للنظام الديمقراطي الذي وضع أسسه دستور 1962. مع ضرورة التأكيد مرة أخرى ، وحتى لا يساء الفهم، أن عملية الإصلاح والتجديد والتطوير يجب أن تتم تحت سقف دستور 1962 وليس من خلال الانقلاب عليه، سواء كان هذا الانقلاب صارخا أو ناعما كما تطمح دائما قوى الفساد والتخلف. والمقصود بعملية إصلاح وتجديد وتطوير النظام الديمقراطي تحت سقف الدستور هو:

أولا: الالتزام التام بالدستور من خلال تطبيق مواده كافة، وعدم الاكتفاء بالتطبيق الانتقائي لبعض المواد الدستورية. حيث إننا لو قمنا باستعراض سريع لمواد الدستور، لاكتشفنا أن الغالبية العظمى منها غير مطبقة على أرض الواقع.

ثانيا: تطوير النظام الانتخابي بما يسمح بدمج فئات المجتمع الكويتي مع بعضها بعضاً والقضاء على التقسيمات القبلية والطائفية والفئوية، وقد يكون من المناسب هنا تطبيق نظام الدائرة الواحدة والقائمة النسبية لتحقيق ذلك.

ثالثا: السماح بإنشاء الأحزاب الديمقراطية الدستورية وحظر الجماعات السياسية المناقضة في تكوينها وأهدافها للنظام الديمقراطي الدستوري كالجماعات الدينية والطائفية والعرقية والفئوية والمناطقية.

رابعا: دعم سيادة القانون وحماية الحريات الشخصية والعامة وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية حتى يشعر كل مواطن بأن حقوقه مكفولة من قبل الدولة وليس من قبل القبيلة أو الطائفة أو العائلة.

وما لم تقم القوى والعناصر الديمقراطية كافة بالدفع الجدي والفوري في عملية إصلاح وتجديد وتطوير النظام الديمقراطي ضمن رؤية دستورية واضحة وموحدة، فإن الأزمات السياسية ستتوالى وسيبدأ المواطن العادي، إن لم يكن قد بدأ بالفعل، في فقدان ثقته بالنظام الديمقراطي الحقيقي، وستواصل قوى الفساد والتخلف تفريغ الدستور والنظام الديمقراطي برمته من محتواهما، وهو العمل الذي دأبت على ممارسته منذ عقود.

نافذة:

التدخل الحكومي فيما يقرأه الإنسان أو يشاهده أو يسمعه يتعارض مع أكثر من مادة دستورية ويتناقض مع أسس النظام الديمقراطي الذي ندعو إلى تجديده... لهذا فإننا نحيي وندعم الحملة «التدوينية» التي بدأها مبكرا المدون النشط «عاجل» في مدونته «بالكويتي الفصيح»، والتي تطالب بوقف الرقابة التعسفية على الكتب التي ستعرض في معرض الكتاب العربي الذي سيقام هذا الشهر.... ويمكن لمن يرغب في متابعة الحملة المناهضة للتعسف الرقابي على الكتب زيارة موقع http://blkalfasih2.blogspot.com