دعوة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي قبل أيام إلى إنشاء منظومة للأمن الإقليمي، التي أيدها مستشار الأمن الوطني العراقي موفق الربيعي، يجب ألّا تمر مرور الكرام، ويجب ان يتوقف عندها العرب إن ليس كلهم فبعضهم طويلاً، فهذه المنظومة على أرض الواقع قائمة وهي تشكل ذراعاً أمنيّة لتحالف «الممانعة» الذي تقوده إيران، والذي يضم دولتين عربيتين معروفتين، وبعض التنظيمات والأحزاب التي تشكل دولاً مذهبية في العراق داخل الدولة العراقية، بالإضافة الى دولة «حماس» في غزة ودولة حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية بلبنان.

Ad

كانت ألمانيا في إطار اقتراح لمعالجة أزمة القدرات النووية الإيرانية، قد دعت في عام 2006 إلى عقد مؤتمر أمني إقليمي في الشرق الأوسط، تشارك فيه كل دول هذه المنطقة بما في ذلك إسرائيل وبتمثيل فاعل ومؤثر من قبل الاتحاد الأوروبي، لكن هذه الدعوة ووجهت بتحفّظات إيران وغير إيران، ولم يحالفها النجاح وقد انتهت قبل ان ترى النور وتخطو ولو خطوة واحدة الى الأمام.

وكانت دولة عربية خليجية قد تحدثت منذ فترة بهذا الذي تحدث به سعيد جليلي، وأيده في ذلك موفق الربيعي، مما يؤكد ان «منظومة الأمن الإقليمي» هذه قائمة بالفعل، وأنها تعمل بصورة سرية، وأن كل هذا يجري من وراء ظهر مجلس التعاون الخليجي ومن دون استشارة ولا معرفة بعض المكونات السياسية في العراق... وربما من دون علم البرلمان العراقي ومعظم وزراء الحكومة العراقية.

غير مهم ان يقدم موفق الربيعي رأس منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة، المتمركزة في العراق عسكرياً وأمنياً وسياسياً وإعلامياً منذ أكثر من ربع قرن، هدية لسعيد جليلي لمناسبة الإعلان عن إنشاء «منظومة الأمن الإقليمي» هذه التي دعا دول المنطقة من قبيل رفع العتب إلى الانضمام إليها، فهذا شأن داخلي عراقي، لكن المهم والخطير هو ان يَثْبُت ان دولة عربية هي العراق التي أوضاعها هي هذه الأوضاع المأساوية، منخرطة في تحالف أمني مع دولة تتدخل كل هذا التدخل السافر في شؤون العرب الداخلية وتلعب كل هذا الدور التخريبي على الأرض العراقية.

إنها مسألة في غاية الخطورة، وعلى الدول العربية المعنية وفي مقدمها دول مجلس التعاون الخليجي، ان تأخذ هذه المسألة على محمل الجد، فإنشاء هذه المنظومة الأمنية التي دعا سعيد جليلي إلى إنشائها وأيده في ذلك موفق الربيعي، ستكون مهمتها الرئيسية اختراق الأمن العربي في ظرف هو أصعب ظرف تمر به هذه المنطقة، وبينما تعلن إيران ان لها الحق في ان تكون الرقم الرئيسي في معادلة إقليم الشرق الأوسط، وأن تكون صاحبة القرار وصاحبة العقد والحل في هذا الإقليم كله.

يجب عدم السكوت عما أعلنه سعيد جليلي ووافق عليه موفق الربيعي، فالهدف هو الانتقال بما يجري في العراق الى كل دول هذه المنطقة، وهو إقامة شبكات استخبارية تحت غطاء هذه «المنظومة» في هذه الدول، وهو أيضاً تحويل بعض القوى والأحزاب العربية الى بؤر للاستخبارات الإيرانية والى رؤوس جسور للنفوذ الإيراني، على غرار ما هو عليه واقع الحال بالنسبة لحزب الله وحركة «حماس».. وبعض قوى الإسلام السياسي وأحزابه!

* كاتب وسياسي أردني