القلاف والمطيري... وما خفي أعظم
هاهم شيعة الكويت يشكلون أكبر نسبة من الصامدين ويتصدرون قوائم الشهداء والمفقودين والأسرى كمواطنين مخلصين لوطنهم الأوحد، ويستبسلون في الدفاع عن وطنهم بجميع أشكال المقاومة المدنية والعسكرية، ويسطرون أكبر الملاحم بصف إخوانهم وأخواتهم من السنة والبدو والحضر، كما تعكس قائمة شهداء القرين.
لا يخفى على أحد ضعف أو غياب الحس الدبلوماسي والاستراتيجي لدى كثير من أعضاء مجلسي الأمة والوزراء. فلا يمضي أسبوع من دون أن يتفضل أحدهم بتصريح يخلق زوبعة إعلامية أو مادة تندر غنية. والتصريحات اللاحقة لتهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز تقع ضمن خانة تلك التصريحات لولا محاولة بعضهم صب الزيت على النار وتحويلها من افتقار لحنكة سياسية إلى مصيبة وطنية. الكويت دولة صغيرة ذات تركيبة غير متجانسة تقع بين قوى ودول أكبر وأعظم منها، وبقاء وسلام الكويت ارتبط دوما بوحدتها الوطنية وبقدرتها على إبقاء التوازن في علاقاتها الخارجية. والتصريحات النارية والمواقف المتسرعة والمنحازة لأي من أطراف الصراع في المنطقة قد تجر البلد إلى ما لا يحمد عقباه. وهذا برأيي المتواضع ما حاول السيد القلاف قوله، ولكن بأسلوبه الخالي من أي حس دبلوماسي كالعادة. ولنا أن نتفق أو نختلف مع رأيه وأن نعترض أو نعجب بأسلوبه، ولكن لا يملك أي من كان أن يشكك في نواياه أو في ولائه، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى وحدتنا الوطنية! رد النائب هايف المطيري وتشكيكه في نية وولاء القلاف، هو استكمال لنمط طائفي بغيض في تصريحات ومواقف المطيري التي تجلت في موقفه من «مراقبة» الحسينيات وتخوين نواب التأبين وذعره من فكرة مراجعة متوازنة لمناهج التربية الإسلامية وغيرها الكثير. وعندما تتحول تلك المواقف إلى نمط متكرر في أوقات حساسة ودقيقة مثل أوقاتنا هذه، فلا يمكننا التعامل معها بحسن نية أو أن نضعها في خانة «تصريحات تخلف وضعف الخبرة السياسية» لأن الضرر سيمسنا جميعا. الأزمة الإيرانية خطر حقيقي شئنا أم أبينا، واحتمالات الحرب أو التوتر السياسي والعسكري عالية جداً رغم آمالنا بعكس ذلك، ودرع الكويت ضد هذا الاختناق هو شيعتها. ولاء ووطنية شيعة الكويت هما السور المنيع من دون عدوى الطائفية القائمة على حدود الكويت والتي ستستعر نيرانها مع تأزم العلاقات مع إيران. وهذه الحقيقة، رغم مرارتها للبعض، فإنها واضحة للعيان بالنسبة إلى رئيس مجلس الوزراء الذي عالج أزمة التأبين بحكمة من يعي أهمية وحدة الكويت الوطنية.ولعل تزامن هذه الأحداث مع ذكرى الغزو العراقي عبرة لمن أبى واستكبر، فهاهم شيعة الكويت يشكلون أكبر نسبة من الصامدين ويتصدرون قوائم الشهداء والمفقودين والأسرى كمواطنين مخلصين لوطنهم الأوحد، ويستبسلون في الدفاع عن وطنهم بجميع أشكال المقاومة المدنية والعسكرية، ويسطرون أكبر الملاحم بصف إخوانهم وأخواتهم من السنة والبدو والحضر، كما تعكس قائمة شهداء القرين.درس الغزو العراقي للكويت كلفنا الكثير، ولكن بعضهم أغوته عصبيته وضللته جماعته التكفيرية، فعجز عن استيعاب الدرس الكبير... فهل سنسمح لهم بأن يكلفونا جميعاً درساً آخر؟