أوباما... والنواب العرب
ما يحدث أكبر من أي تعليق وأكبر من أن يصدقه أحد، فصفقات تدار بليل بين الحكومة ونائب تفتح شهية النواب للبحث عن صفقة أو صفقات أخرى لنيل جزء من «التورتة» التي يتسابق الجميع للفوز بها.
في الوقت الذي يقف العالم فيه معجباً ومصفقاً للناخب الأميركي الذي نجح في ترسيخ وتأكيد مبدأ الديمقراطية وقيم العدل والمساواة، يقف المواطن العربي لا حول له ولا قوة متعجباً مندهشاً فاغرا فاه، رافعاً حاجبيه من حال نوابه الذين جاؤوا من خلال صورة خادعة لديمقراطية زائفة. لقد أصبحت البرلمانات العربية وصمة عار للمواطن العربي وعبئاً عليه لا تعبر عن آماله ولا تشعر بآلامه، ولا فرق بين برلمان هنا وآخر هناك فكلنا في الهم عرب. ولو أخذنا على سبيل المثال ما حدث في الشهر الأخير في ثلاثة من البرلمانات العربية لوجدنا العجب العجاب، رغم اختلاف أنظمة الحكم وثقافة كل بلد وتاريخه وجغرافيته أيضا. لنبدأ من مصرنا الحبيبة (الشقيقة الكبرى في أدبيات الكتّاب العرب) فبعد خطيئة النظام كما يتصورها هو، ونجاح مجموعة الـ88 من أعضاء الإخوان في انتخابات 2006 أقسم النظام على ألا يكررها ولا يسمح بنجاح أي عضو آخر، وأقسم على ألا يكون للمعارضة وجود داخل المجلس، فجاءت انتخابات اللجان داخل المجلس (وهي مسؤولية النواب) لتنهي بفعل فاعل أي وجود للمعارضة ولو بصوت واحد هامس أو مبحوح، فجاءت كلها من نصيب أعضاء الحزب الوطني! فهل هذا ما يريده الشعب يا نواب الشعب؟ وهل هكذا أديتم واجبكم؟ وهل تشعرون براحة الضمير؟ وهل فعلتم ما وعدتم به مواطنيكم؟ وهل عبرتم عن آمال ناخبيكم وآلامهم؟ ثم جاء قرار المحكمة الإدارية العظيم بإيقاف تصدير الغاز إلى إسرائيل لينهي بالضربة القاضية أي قيمة أو فاعلية لمجلس الشعب، الذي لم يستطع فعل شيء وأصبح لا يزيد شيئا عن لجنة من لجان الحزب الوطني!! أما البرلمان الثاني فبرلمان بلد المليون شهيد الذي اجتمع عن بكرة أبيه لتعديل الدستور، وليس كما يعتقد المتفائلون من أجل الشعب ورفع معاناته، ولكن من أجل الحاكم وتمديد رئاسته. اجتمع النواب كلهم وأقروا في دقيقة واحدة تعديل الدستور لكي ينعم الحاكم بالصحة وطول الحكم، فيا فرحة شعبكم وسعادته بإنجازكم! فكم أسعدتم الفقراء وأرحتم المعذبين وهدأت النفوس وارتاحت القلوب بما أنجزتم وحققتم!! وأخيرا هنا في الكويت (لا أجد ما أقوله) ليس خوفاً كما قد يعتقد البعض أو قلقا من عدم النشر، ولكن حيرة، لأن ما يحدث أكبر من أي تعليق وأكبر من أن يصدقه أحد، فصفقات تدار بليل بين الحكومة ونائب تفتح شهية النواب للبحث عن صفقة أو صفقات أخرى لنيل جزء من «التورتة» التي يتسابق الجميع للفوز بها، والشعب بين الطرفين حائر لا يصفّق للنواب ولا يحزن للحكومة، فهو غير معجب بسلوك نوابه ولا ينتصر لضعف حكومته، فالكل عنه لاهٍ وعن آماله ساهٍ، والكل يجري في كل اتجاه وأي اتجاه إلا اتجاه مصلحة الشعب الذي انتخب هؤلاء، فهنيئا لك يا عزيزي المواطن العربي بنوابك شرقاً وغرباً. *** طرفة: كانت الدول سابقا تهدد بعضها بعضا بالاحتلال، وكانت الدول الصغرى تخشى بطش الدول الكبرى واستعمارها لها بالقوة، أما اليوم فالدول تهدد بعضها بالجلاء عنها!! فقد صرح مسؤول أميركي مهدداً نواب العراق برحيل القوات الأميركية فوراً في حال رفض التصديق على الاتفاقية الأمنية!! حقاً زمن العجائب. *** آخر طرفة: «زيطة وزمبليطة في البرلمان يا عرب» اجتمع الجميع وهللوا وصفقوا في «مؤتمر برلمانيون ضد الفساد» فهل هناك برلمانيون مع الفساد؟! وهل سنرى يوما «أطباء ضد المرض» و«معلمون ضد الجهل»؟ حقا زمن العجائب!!