برلماننا راح... ولكن إلى أين ستذهب بنا الحكومة؟!

نشر في 18-05-2008
آخر تحديث 18-05-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

الحقيقة المُرّة التي يجب أن نعرفها ونعترف بها، نحن الشعب، هي أنه إن كان نائب قد خان أمانته في البرلمان، فإن قبله آلافاً من أفراد الشعب قد خانوا الأمانة نفسها يوم قاموا بالتصويت له من دون النظر إلى مدى استحقاقه وجدارته.

وأنت تقرأ سطور هذا المقال عزيزي القارئ سيكون قد مضى على إغلاق صناديق الاقتراع ست ساعات على الأقل، وقد تكون نتائج الدوائر الانتخابية قد ظهرت بالفعل، واتضحت الرؤية وعرفنا من نواب مجلس الأمة الجدد!

سيكون الشعب الكويتي، أو لنقل القطاع الذي مارس حقه في التعبير عن رأيه لإيصال ممثليه إلى البرلمان، قد قال كلمته، وسيكون هذا الجزء قد انتهى وولى.

ولا يضرني أن أعترف بأننا كشعب، وفي قطاع كبير منا، لم نكن نؤدي عملاً جيداً خلال السنوات الماضية التي قمنا فيها باختيار ممثلينا في البرلمان، فقد كنا، ولا نزال حتى الساعة، نختار على أسس قبلية وطائفية وفئوية أو على أسس مصالح ضيقة أو على نظرة سطحية هشة في الغالب، لا على أسس ومعايير الكفاءة، ولا أعني هنا أي كفاءة، فليس كل رجل خلوق طيب متدين صالحاً بالضرورة للبرلمان، وإنما تلك الكفاءة اللازمة للقيام بأعباء عضوية مجلس الأمة بما فيها من تبعات ومسؤوليات جسيمة وحاجة للنظرة العميقة والقدرات المتميزة.

المضحك حقاً في هذا الجانب، أن قطاعاً كبيراً منا نحن الشعب، سرعان ما سيبدأ وخلال فترة بسيطة من بعد قيام مجلس الأمة الجديد بالتذمر من أداء النواب ومن تردي إنجازاتهم ومن سوء تصرفاتهم، وكأنه لم يشارك في الاختيار ولم يكن له أي دور في إيصال هذه الأسماء إلى البرلمان!

بالفعل كم هي مفارقة عجيبة ومضحكة ألا ندرك بأن مجلس الأمة ونوابه هو صنيعة أيدينا ونتاج اختياراتنا التي أقمناها استنادا إلى قبليتنا وطائفيتنا وفئويتنا ومصالحنا ورؤانا الآنية والشخصية الضيقة، وأن يتبجح بعضنا بعد ذلك بالقول إننا ما رأينا من هذا المجلس خيراً وأنه أس البلاء ورأس المصائب، وأن يصل ببعضهم الحال إلى المطالبة بحل البرلمان وتعليقه.

الحقيقة المُرّة التي يجب أن نعرفها ونعترف بها، نحن الشعب، هي أنه إن كان نائب قد خان أمانته في البرلمان، فإن قبله آلافاً من أفراد الشعب قد خانوا الأمانة نفسها يوم قاموا بالتصويت له من دون النظر إلى مدى استحقاقه وجدارته. نعم، هناك مَن يكونون قد خدعوا به، ولكن الأغلبية الغالبة غير ذلك، وهم مشتركون في ذات الجرم إن لم يكن في أعظم منه.

على أي حال، فما نحن بانتظاره الآن هو الحكومة الجديدة وتشكيلتها، لكن الحقيقة الأشد مرارة من سابقتها التي تحدثت عنها، هي أنه إن كان الشعب لم يؤد دوراً جيداً في اختيار ممثليه خلال السنوات الماضية وانجرف خلف قبليته وطائفيته وفئويته ومصالحه الضيقة، فإن الحكومة لم تكن تتشكل من جانبها على أسس ومعايير بعيدة عن ذلك. حالة الحكومة وبكل بساطة هي حقائب محتكرة لأبناء الأسرة من دون معيار كفاءة واضح، وحقائب يتم توزيعها بمحاصصة قبلية وطائفية بعيدة عن أسس القدرة على القيام بأعبائها، وهلمّ جرا.

الحال من بعضه كما يقولون، تشكيل حكومتنا ليس في حال أفضل من حالة تشكيل برلماننا، وكأنه صوت وصداه، وللأسف!

أسأل الله أن يقيض لهذا البلد أمراً رشداً يخرجه من دوامته، وينتشله من عميق أزمته، وما ذلك على الله ببعيد.

back to top