عندما كنا طلبة في المرحلتين المتوسطة والثانوية كان مدرسو التربية الإسلامية يروون لنا قصصاً عن الديانة المسيحية في مرحلة ما بعد الإسلام، وكيف كان قساوسة الكنيسة يحتكرون الدين، ويوزعون صكوك الغفران على الناس كدليل على مدى انحراف الأمم الأخرى واستقامة أمتنا.

Ad

أستذكر تلك القصص بينما أرى التيار الديني في الكويت بنوابه وكتابه وناشطيه يحتكرون دين الإسلام ويوزعون صكوك الأخلاق والفضيلة على من يحلو لهم من الناس في معرض ترويجهم لما يسمى لجنة الظواهر الدخيلة، وإليكم بعض الأمثلة:

بداية مع مقال الكاتب أحمد الكوس يوم الأحد الماضي، ويكفي عنوان المقال: «محاربة لجنة الظواهر السلبية محاربة للدين والفضيلة». ومروراً بمقال الكاتب نبيل العوضي في نفس الصفحة واليوم، والذي يصف فيه من يعارض اللجنة بأنه «من يدعو إلى الرذيلة، ويحارب الفضيلة... يشجع على الوقوع بالذنوب والمعاصي ويدعو لانتشارها فهؤلاء هم المنافقون». وأخيراً النائب وليد الطبطبائي في مقاله يوم الأحد: «يبدو أن أعداء الفضيلة... ساءهم دور اللجنة في حماية القيم والأخلاق» ويتوعد بأن معركتهم سترتد عليهم مستشهداً بالآية القرآنية «إن جند الله هم الغالبون». وأخيراً مقاله يوم الثلاثاء عن معارضي اللجنة بأن «ليس وراءهم إلا التعصب للمنهج العلماني وكراهية الدين».

إذن أصبح من يختلف معهم بالرأي كافرا بالدين وكارها له، محاربا للفضيلة، ومنافقا يدعو إلى الرذيلة، بتعميم فج وأعمى ينضح بالإقصائية، بل يذهب العوضي إلى أبعد من ذلك فيقول «هم يصلون أمام الناس رياء وسمعة، ويتصدقون لكن ليس لله، يذكرون الله قليلاً بلسانهم ولكنهم يكفرون بدينه وبشريعته وحكمه» وكأنه يعلم ما يدور في السرائر والنيات، وكأن الناس تصلي وتتصدق لكي تكسب رضاه. وفي المقابل فإن من يتفق معهم هو من جند الله الغالبين.

هذا بالضبط ما نعنيه في اعتراضنا على اللجنة، إذ أصبح من يدخل في حرابها عضواً أو مؤيداً يكتسب شرعية احتكار الدين وتوزيع صكوك الفضيلة وينصب نفسه وصياً على أخلاق الناس، فكيف يختلفون عن قساوسة الكنيسة إياهم؟ هذا بينما يمارسون ذلك في البرلمان والصحافة فقط، فكيف ستكون الحال عندما ينشئون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وينزلون للشارع بـ«خيازرينهم»؟ إنها ليست مبالغة، فانظروا إلى بعض الجيران لكي تعرفوا أن الأمر أكثر خطورة مما نتصور.

Dessert

اثنان كسرا قوانين الدولة بارتكابهما جريمة الانتخابات الفرعية، وواحد عديم الأمانة يسرق مقالات غيره ويعيد نشرها مذيلة باسمه، وآخر إن كنت أحد طلبته في الجامعة وأحد أبناء دائرته الانتخابية، فابشر بالدرجات العالية. هؤلاء بعض ممن يفترض بهم أن يعلمونا الفضيلة والأخلاق.