التجربة السياسية في دولة الكويت قصيرة في عمرها، ولكنها فريدة في نوعها، فيها من الحلاوة والمرارة تمازج يستحق أن ننميه لا أن نئده. نعم، خصوصية الديمقراطية الكويتية وتقارب الحاكم من المحكوم جعلها الأكثر حضورا والأكثر جرأة من سائر التجارب الديمقراطية في المنطقة. هذا الحضور أوجد حالة من الامتعاض السياسي لدى أعداء الديمقراطية الذين أثروا كثيرا في رسم الضبابية حول استحالة تناغم السلطات أو حتى حوار السلطات.

Ad

ما ذهبنا إليه في المقالات السابقة وحذرنا من فرز المجتمع الطائفي والقبلي والطبقي هو ما يُخشى منه فعلا، وهو ما يوجب علينا إيجاد آليات عملية تذيب تلك الفوارق، وتجعل منها قوة بدل أن تفت عضد الوطن. فليس هناك أي عيب باعتناقك مذهباً، أو أي عيب بأن يكون لك جذور قبلية تعتز بها أو أن تكون من عائلة تحتمي بها.

وعوداً على التجربة الديمقراطية القصيرة العمر، الغنية في تجاربها، والمثيرة في انحرافها، فإن ما نلمسه في أرض الواقع يعزز احتياجنا إلى حملة وطنية يكون شعارها التنمية السياسية المجتمعية... قد لا يمكن للدولة أن تتبناها كاملة ولكن يمكن أن تساهم أو تشارك فيها كجزء من مكونات المجتمع حتى لا تتهم بفرط نوع تلك التنمية.

إن دور ساسة المجتمع المدني هو الأهم شرط ألا تنفرد مجموعة دون أخرى، فالسياسة وجدت للتركيز على أهمية العمل وترسيخ الوعي في الثقافة الديمقراطية مع تمكين المواطن من المشاركة الحقيقية في صنع القرار شرط أن تكون النوايا مخلصة للوطن، وشرط أن نحافظ على الثوابت الوطنية وندافع عنها. العمل على ترسيخ مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص على أساس الكفاءة والإنجاز لا المحاصصة. ولنبتعد عن الأجندات الخارجية ولنبتعد أكثر عن التشكيك وتسجيل المواقف.

إن بناء وتعزيز أسس التنمية السياسية في إطار الشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع هو الهدف الرئيس، فهل بالإمكان أن نرى ذلك النادي أو المركز الذي يتبنى الوسطية السياسية كي لا ننحرف ولا نتطرف ونختصر مسافات الزمن بالاستفادة من النظم العريقة في الممارسات الديمقراطية، ثم ننعم بالاستقرار السياسي ونجني ثمار الديمقراطية الكويتية التي هي حتما أثرى وأغنى؟

إجازة العيد فرصة لقراءة المرحلة السابقة والقادمة، فمواجهة الظروف تحتاج إلى تضافر الجهود ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

الوقفة القادمة ستكون عن أهداف مركز أو نادي التنمية السياسية.

ودمتم سالمين.