Ad

الآن وبعد ما يزيد على العام من وضع القانون وتطبيقه قررت اللجنة بعد الضغط الشعبي «دراسة» ما أسمتها بالظاهرة، وإثر اجتماع يتيم خرج أعضاء اللجنة بتصريحات صحافية نارية لا تخلو من الفكاهة المبكية والسطحية والتناقضات المنطقية، فرغم اللقاء «بالخبراء» مازال أعضاء اللجنة يعانون ضعف الثقافة في مجال نصَّبوا أنفسهم مشرعين وخبراء به.

آمن فرويد بأن شخصية الإنسان تتشكل من تجاربه الأولى كطفل وعلاقته بجسده وبوالديه، والكثير من تجارب الأطفال الأولى يكون لها طابع اجتماعي عام متعلق بالعادات والتقاليد وأنماط التعامل السائدة، مثال على ذلك درجة الاهتمام بالرضاعة الطبيعية ودور الأب في التربية ومفاهيم النظافة والطهارة السائدة. لذا... فإنه وضمن فئات اجتماعية متجانسة يمكن أن نرى تقارب أفراد مجموعة ما من حيث نمط الشخصية الفرويدية.

وحين ينمو الطفل مع أم متسلطة وباردة عاطفياً في بيئة محافظة لا تشجع التعبير عن المشاعر وتضع قيوداً على تمتع واستكشاف الطفل لجسمه، بالإضافة الى الهوس بالنظافة والخوف المبالغ فيه من «النجاسة»، يرى فرويد أنه في الغالب تتشكل شخصية هذا الطفل ليصبح في صباه دكتاتوراً عنيداً ومصاباً بالريبة وبالوسواس القهري بالنظافة والنظام والسيطرة، مع ضعف في التعامل مع المشاعر بشكل واضح وصحي- وهي ملامح ما أسماها الشخصية الشرجية- Anal Retentive Personality.

ولعل هذا يتجلى بأوضح صوره في العقلية التي خلقت اللجنة الدخيلة في مجلس الأمة، فنرى أنه السبب الرئيسي لتشكيلها هو «السيطرة» وليس «البحث والدراسة». ولعل تعامل اللجنة مع المتحولين جنسياً أوضح مثال على ذلك. فقبل البحث أو حتى الاستفهام البسيط تتبنى اللجنة قانوناً يجرم «التشبه بالجنس الآخر» لمجرد الرغبة الجامحة في إلغاء، أو ببساطة إخفاء، ما يبدو غريباً أو غير مفهوم أو ربما مثيراً لبعضهم. ورأينا جميعا عواقب القانون عندما عرضت العديد من الصحف معاناة وشكاوى المتحولين من اضطهاد الشرطة وتحرش المساجين.

الآن وبعد ما يزيد على العام من وضع القانون وتطبيقه قررت اللجنة بعد الضغط الشعبي «دراسة» ما أسمتها بالظاهرة. وإثر اجتماع يتيم خرج أعضاء اللجنة بتصريحات صحافية نارية لا تخلو من الفكاهة المبكية والسطحية والتناقضات المنطقية. فرغم اللقاء «بالخبراء» مازال أعضاء اللجنة يعانون ضعف الثقافة في مجال نصَّبوا أنفسهم مشرعين وخبراء به. فعلى سبيل المثال لا الحصر مازال بعض النواب الأفاضل يسمي المتشبهين بالجنس الآخر (Transsexual) بالمثليين (Homosexual)، والذين هم علمياً فئة مختلفة تماماً نفسياً وعضوياً عن المتحولين. من ناحية أخرى ادعى بعضهم «شفاء» بعض المتحولين بسبب القانون، وتعريف الشفاء في هذه الحالة هو اختفاء الأعراض عن السطح. أما «الشفاء» الفعلي فلا يهم أحداً. أفضلهم علق متفهماً لنفسية ومعاناة المتحولين بعد أن صب جام غضبه عليهم ووصفهم بأسوأ الأوصاف سابقاً. وهو تعاطف يشكرون عليه، ولكنه جاء متأخراً كثيرا وكان بالامكان تحقيقه مبكراً لو أن أحدهم قد فتح كتابا ابتدائياً في علم النفس.

وأهم ما تمخض عن هذا الاجتماع أن حجم هذه «الظاهرة الدخيلة» لا يتعدى الخمسين شخصاً! ورغم أننا نجهل آلية الحصول على هذا الرقم فإنها مأساة في كلتا الحالتين. مصيبة ان تم إصدار قانون وأصيب نواب أمة بهذه الحالة من التشنج والهلع بسبب 50 حالة. ومصيبة أكبر إن كان العدد أكبر من ذلك وتم التعامل مع ظاهرة اجتماعية حساسة بهذه العقلية الشرجية.

الكره بشكل عام، وكره المثليين والمتحولين بشكل خاص، له دلالات كثيرة في نظر فرويد أهمها الخوف (Homophobia). فالكره قد يكون قناعاً للخوف من المجهول أو من المشاعر التي لا نود مواجهتها. وكلاهما مخاوف خاصة لا يجوز تعميم تبعاتها على المجتمع كله. فالأدعى أن نبدأ بعلاج هذا الرعب المرضي من المثلية والتحولية لما له من مؤشرات خطيرة حسب نظريات فرويد!