يا سمو رئيس الوزراء قد فات وقت مثل هذا الخطاب، فالقوم يحشدون جميعا ويريدون رأسك. حشد اختلط فيه الصادقون ممن تاهوا عن الطريق وظنوه لا يمر إلا عبر استجوابكم ورحيلكم، والكاذبون من أصحاب الأجندات والدوافع السيئة الذين ركبوا الموجة لضربكم. يا سمو الرئيس، لكل وقت لغته واليوم حتماً ليس وقت لغة الحب والتسامح!

Ad

من قرأ رسالة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد التي وجهها إلى الزميل محمد عبدالقادر الجاسم في الزميلة عالم اليوم، يستطيع أن يدرك دون عناء بأن الرسالة، وإن حملت اسم الزميل الجاسم في أعلاها، كانت موجهة إلى الجميع، فالرسالة جاءت حاملة توجيهات ودعوات عامة غلّفت جميعا بالروح الوطنية المتسامية.

ليس من دأب ديوان رئيس الوزراء أن ينخرط في الرد على المقالات التي تنشرها الصحافة، وذلك لأنه يدرك أنه إن دخل في هذا المجال فسيكون لزاما عليه، من الناحية الأدبية على الأقل، أن يرد على الجميع وعلى كل ما يثار في وسائل الإعلام، وإلا سيطرح التساؤل بلماذا رد الديوان على هذا وترك ذاك، وسيدخل الموضوع في دوائر التأويلات والتجريحات السياسية وإلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصا أننا نعيش عصراً تهشمّت فيه كل المحرمات والموانع الإعلامية مهنياً وأخلاقياً وأدبياً، تحت ذريعة الحرية الصحافية!

لكنني، وبالرغم من إدراكي الدوافع التي انبثقت منها والمرامي التي ترنو إليها رسالة رئيس مجلس الوزراء التي جاءت بتلك اللغة الراقية الهادئة المتبسمة، وما حملته من تأكيدات في استمراره بمد يد التعاون، وفتح صدره الرحب للجميع، بمن فيهم من قسوا عليه وأغلظوا عليه القول وجرحوه بدعوى النقد المباح، إلا أنني أظن ديوان رئيس الوزراء قد جانبه الصواب في إرساله هذه الرسالة أصلا!

يا سمو رئيس الوزراء قد فات وقت مثل هذا الخطاب، فالقوم يحشدون جميعا ويريدون رأسك. حشد اختلط فيه الصادقون ممن تاهوا عن الطريق وظنوه لا يمر إلا عبر استجوابكم ورحيلكم، والكاذبون من أصحاب الأجندات والدوافع السيئة الذين ركبوا الموجة لضربكم. يا سمو الرئيس، لكل وقت لغته واليوم حتماً ليس وقت لغة الحب والتسامح!

لم يكن لديوان رئيس الوزراء حاجة في أن يدخل في الرد على أي كاتب صحافي، خصوصا أن القوم لا يريدون أن يستمعوا لغير ما يجيش في عقولهم وصدورهم، وأنا هنا لا أقصد الزميل الجاسم بذاته، إنما أتحدث عن أغلب، إن لم يكن جميع، من دأبوا على مهاجمة رئيس الوزراء شخصيا، فهم جميعا يرفضون أن يسمعوا غير أصواتهم وأن يقرؤوا غير ما تخطه أقلامهم.

يا سمو الرئيس، لقد كتبتها مرات، وقلتها في أكثر من مقام، ولاأزال أرددها من باب إيماني بها ولا أبالي، بأن سموكم تمثلون فرصة تاريخية لهذا البلد وأهله للدخول إلى عصر الديمقراطية الحقيقية، لو كان مجلس الأمة والجميع قد أحسنوا الاستفادة من هذه الفرصة، وهذا الأمر يدركه من يعملون ضدكم من داخل الأسرة وخارجها، من المتربصين بالديمقراطية والدستور، لذلك هم يريدون إقصاءكم، ويعينهم على ذلك مجموعة ممن يعجزون عن رؤية الخافي في الصورة وإدراك هذه الحقيقة وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا!

يا سمو الرئيس، إن اليوم هو يوم السيف لا يوم الندى، وقد قالها المتنبي منذ مئات السنين، ولله دره فقد صدق:

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا *** مضرّ كوضع السيف في موضع الندى فاشحذ سيفك يا رعاك الله!