نجح الأخ الفاضل مسلم البراك في إطلاق مسمى "قانون الحيتان" على مشروع الحكومة فيما يتعلق بالاستقرار المالي، فقد فرض مسمى "الحيتان" هذا نفسه على المستويين الإعلامي والشعبي سواء قبلت بذلك الحكومة ومن يناصرها في هذا الشأن أم لم تقبل!

Ad

والحيتان هنا كناية طبعاً عن الشخصيات المتنفذة ذات التأثير الواضح والقوي على القرار الحكومي بدليل أن القانون صدر بمرسوم ضرورة بعد حل مجلس الأمة مباشرة وحتى قبل صدور مرسوم دعوة الناخبين وفتح باب الترشيح للانتخابات القادمة، على الرغم من كونه أحد أبرز القضايا الخلافية بين السلطتين وأن صدوره بهذه الطريقة من المحتمل أن يتحول إلى مشروع أزمة في مستهل الفصل التشريعي القادم.

ولعل ما يثبت إطلاق مفهوم الحيتان على المرسوم بقانون الاستقرار المالي هو ما تعرض له من انتقادات واسعة النطاق ليس فقط على المستوى النيابي وإنما من قبل المؤسسات الاقتصادية المهمة وفي مقدمتها غرفة تجارة وصناعة الكويت والجمعية الاقتصادية الكويتية وكثير من الشخصيات الاقتصادية في الكويت، التي أجمعت على أقل التقديرات على أن الحل الحكومي للمشكلة الاقتصادية لا يكمن في مثل هذا المرسوم اليتيم والناقص.

فإذا كان أصحاب الاختصاص والميدان يعارضون هذا القانون ولا يتوقعون أن يرقى إلى مستوى الطموح الاقتصادي وحجم المشكلة الحقيقية وقدرته على المساهمة في معالجة الكارثة المالية التي عصفت بنا ولم نجن كامل نتائجها السلبية بعد، خصوصاً في ظل بقاء الثغرات والعيوب الخلقية في النظام المالي والرقابي وتفشي صور الفساد والتلاعب والتربح غير المشروع، فمن أجل مَن يصدر هذا المرسوم إن لم يكن للحيتان؟! وما هي الضمانات التي تكفل حقوق صغار المستثمرين الذين امتصت البورصة مجمل أصولهم، إن لم تضعهم في خانة المديونية، أو حماية قيمة أسهم المساهمين البسطاء من سوء إدارة مجالس الإدارات وعدم محاسبتهم على إفلاس شركاتهم؟ وما هي المؤشرات التي من شأنها تحفيز الاقتصاد الوطني ككل وبث الروح من جديد في الإنفاق الرأسمالي والاستثماري بقطاعاتهما الواسعة في مرسوم الضرورة؟!

ألم يكن من الأجدر أن يربط "قانون الحيتان" بحزمة متكاملة من الحلول الشاملة التي من شأنها إعادة الثقة بالاقتصاد الكويتي بمعناه الأوسع، لكي يعود بالنفع على المكونات المختلفة التي تتفاعل معها المنظومة الاقتصادية؟ وهل اللجان المشكَّلة للإشراف على تنفيذ المرسوم بالقانون الجديد محصنة في تركيبتها ومسميات أعضائها ضد الشبهات وتهم الانتفاع المباشر والشخصي من القانون، خصوصاً أن لائحة الأسماء قد تغيرت وتبدلت حتى استقرت على شكلها النهائي وبشكل يكفل دخول بعض المتورطين في الأزمة المالية؟

والحقيقة أن مثل هذه الأسئلة الصعبة والتوقيت الأصعب لصدور القانون ومن خلال مرسوم ضرورة، لا تخدم بالأساس دعوة الحكومة على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية للمناظرة ومقارعة الحجة بالحجة، فما بالك إذا كان المدعو لهذه المناظرة شخصية مثل مسلم البراك؟ فالنائب الفاضل يعتبر بحد ذاته "حوتاً سياسياً" ضخماً يمتلك من المعلومات والبيانات التي ربما لا تتوافر عند الوزير نفسه، ناهيك عن قدراته الفائقة في ربط هذه المعلومات وتحليلها والاستنتاج من خلالها، بالإضافة إلى مصداقية الرجل أمام غالبية الشعب الكويتي في مقابل الحكومة، ولذلك لم يكن تحدي الأخ الفاضل الدكتور محمد الصباح موفقاً لا في موضوعه ولا في توقيته، لأن الحوت المدرب سوف يبتلعه بلحمه وعظمه!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء