Ad

قبل سنوات اشترك كويتيون شيعة وسنة في عمليات تخريبية وإرهابية في الداخل والخارج، كل ذلك، ورغم خطورته وحساسيته، لم ينجح في جر أبناء الوطن الواحد إلى مستنقع الفتنة الطائفية، وهو ما يؤكد ارتفاع الحس الوطني لدى الطائفتين، لكنه لم يعد كذلك عندما تعلق الأمر بسياسات دول خارجية تمثل المرجعية الدينية للسنة والشيعة.

المتابع لما يكتب في صحافتنا المحلية، والمواقع الإلكترونية ذات الصلة يلاحظ وبشكل واضح أن هناك نبرة طائفية آخذة في الارتفاع، فما عليك سوى الاطلاع على تعليقات القراء على أي موضوع يتحدث عن السنة والشيعة لتعرف الحقيقة المُرة عن مقدار الشحن الطائفي الذي بدأ يستشري في هذا المجتمع الصغير.

لا أحد ينكر أن الوضع في العراق، أمنيا وسياسيا، كان ولايزال أحد الأسباب الرئيسية المغذية لإظهار هذه النبرات الطائفية على السطح، ليس في الكويت فحسب، بل في دول الإقليم جميعها بما فيها العراق نفسه، وهي حالة أسهم في تأجيجها بعض المواقف لعدد من القيادات السياسية في المنطقة السنية والشيعية منها على حد سواء، والتي أفضت جميعها إلى سكب الزيت على النار.

في ثمانينيات القرن الماضي قام مجموعة من المتطرفين الشيعة ببعض الأعمال التخريبية في البلاد، وقبيل سنوات اشترك كويتيون سنة في عمليات إرهابية في الداخل والخارج، كل ذلك ورغم خطورته وحساسيته لم ينجح في جر أبناء الوطن الواحد إلى مستنقع الفتنة الطائفية، وهو ما يؤكد ارتفاع الحس الوطني لدى الطائفتين، لكنه لم يعد كذلك عندما تعلق الأمر بسياسات دول خارجية تمثل المرجعية الدينية للسنة والشيعة.

ففي خضم الجدل الذي أثاره تصريح الشيخ محمد الصباح بشأن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز، بحثت في صحافتنا عن مقال لأي كاتب من اخواننا الشيعة يؤيد وجهة نظر الشيخ محمد، لكنني للأسف الشديد لم أجد، إلا إن كنت باحثا غير جيد، وهذا ما أتمناه، بل إن المحبط هو ما تعرض له الوزير من انتقادات من بعضهم، وكأنه وزير خارجية دولة معادية، وهذه حقيقة مُرّة وخطيرة في الوقت نفسه، نأمل أن تكون مصادفة، وألا تكون النية قد لعبت دورا فيها.

على كل، إيران ليست الشيعة، وهي الحقيقة التي يجب أن يدركها إخواننا من أبناء هذه الطائفة، فعندما ننتقد السياسات الإيرانية، فنحن نفرق بينها وبين المعتقدات الدينية، فإذا هددت طهران بإغلاق المضيق، أو قامت بإطلاق تصريحات استفزازية تجاه البحرين، أو كما فعلت قبل يومين ببناء مكاتب ومنشآت في الجزر الإماراتية المحتلة، فإننا نستهجن تلك التصرفات ونرفضها من جانب سياسي لا إيديولوجي، فنحن لسنا أعداء للشيعة كطائفة، بل ضد سياسات دولة لا ترى أشقاءنا في الخليج إلا مجرد اتباع عليهم السمع والطاعة لنظامها الحاكم.

قد نقبل بعض المواقف الشيعية تجاه العراق الجديد، نظرا الى خصوصية الحالة العراقية - الكويتية من جهة، ولأن أغلبها يأتي في إطار تصفية النوايا والقفز على جراح الماضي من جهة أخرى، كما أن العراق لم يعد يشكل خطرا على أمننا واستقرارنا وسيادتنا، لكننا لا نقبل تلك المواقف نفسها من دولة تهدد، صباح مساء، بحرق الدول المجاورة إذا تعرضت لهجوم أميركي، ومنشآتها النووية لا تبعد عنا أكثر من مئة كيلومتر تقريبا.

عموماً أتمنى ألا يؤدي كره بعضهم لأميركا وسياساتها، التي نرفض بعضها، إلى نسيان واجبهم الوطني، على اعتبار أن حب الكويت مقدم على ما سواه... حتى إن تعلق الأمر بمرجعية دينية شيعية أو سنية كانت.

* * *

قبل أيام تسلمت الإيميل التالي من أحد القراء يحمل هذا التساؤل: «ترى لو كان عدنان الدليمي أو صالح المطلك رئيسا لوزراء العراق، فهل كان محمد باقر المهري سيطالب بإسقاط الديون الكويتية عن العراق؟!».