خذ وخل: العزوف واستمزاج رأي الناخبين

نشر في 12-04-2009
آخر تحديث 12-04-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • لحسن حظ «بوعبدالله» محمد جاسم الصقر أن العبد لله يقطن في قاهرة المعز، لا في «كيفان» مسقط حبي، وإلا لكنت هرعت إليه حال إعلانه اعتزاله الآني للحياة السياسية البرلمانية، ليس بغرض أن أهتف على مسامعه بهتاف «لا، لا تتنح» تأسيا بالناصريين وصرختهم المدوية إثر هزيمة حرب 1967، كما أنني لست بصدد «مسح الجوخ» لحضرته لا سمح الله، لظني بأنه يكره النفاق والتزلف، بخاصة إذا تم ارتكاب هذه الفعلة في جريدته! وهي فعلة تتماهى مع المقولة الشعبية الشهيرة «خذ كيسه وعايده» كما فعل البعض بحسن نية لا يغبطون عليها! من هنا فإن الكلمة التي كنت أود أن ألعلع بها على مسامعه هي: كيف انسقت وراء مشاعرك المحبطة الأمّارة بالعزوف عن الانتخابات البرلمانية (خبط لزق) دون أن يخطر على بالك العودة إلى قاعدتك الانتخابية، لتستمزج رأيها في خيار العزوف، ولتوضح مبرراته، وحيثياته وملابساته وكل معلومة من شأنها إضاءة موقفك المفاجئ، والذي اقتحم معرفتهم على حين غرة، كالقضاء المستعجل! وقد أفهم وأتفهم مسألة أن يعرف المواطنون- كافة- بقرارك عبر وسائل الاتصال، لكن «المحيرني» و»مزغلل» عقلي هو: اتخاذ القرار إياه، دون إخطار معشر الناخبين شفاهة، ووجها لوجه، في «كلمة راس» صريحة تضع النقاط على الحروف، وتسمي الأشياء بمسمياتها بدون مواربة ولف ودوران! ولعل صاحبنا اتخذ قراره ناسياً أداء صلاة الاستخارة، وربما يفعلها بأثر رجعي، لكن الأخيرة «تستوجب» فتوى، كما هو دأب أولئك الذين يقحمونها في كل شأن، ولو كان هامشيا!

الشاهد أن «بوعبدالله» استفتى قلبه، كما يبدو، ولو أنه أردف ذلك باستفتاء ناخبيه لكان ديمقراطياً بامتياز، من هنا أخشى القول بأن قراره السالف الذكر ليس من الديمقراطية في شيء! لا سيما أنه يحظى بإرث «نضالي» ديمقراطي، ورثه من الآباء والأجداد المجبولين على الشورى والحوار وكل القيم السوية الإيجابية التي زرعت بذور الحياة الدستورية الساعية إلى دولة المؤسسات.

• إن المرافعة البليغة التي أدلى بها صاحبنا للرأي العام الوطني والعربي، بشأن قرار العزوف نبصم عليها بالعشرة، ونردفها بقولة آمين دلالة على الاتفاق معها: جملة وتفصيلا! لكن، أليست المعوقات، وكل المثالب التي ذكرها في خطبة الوداع، حرية به على التشبث بالكرسي الأخضر الذي بات كما الخازوق (الكرسي البرلماني لا بوعبدالله!). ولاشك أن خطوته، ثم الخطوة المماثلة للأخ الدكتور ناصر جاسم الصانع، سيتمخض عنهما آثار سلبية عديدة، ومضرة لقاعة عبدالله السالم التي ستحتضن- على مضض- المتردية والنطيحة، وما خفي أنكى وألعن! زد على ذلك أن بادرة العزوف أشاعت مناخ الإحباط واليأس والقنوط والسلبية المتبدية في مقاطعة الانتخابات جملة وتفصيلا! وأزعم أن سبحة العزوف قد كرّت، والحبل على الجرار كما يقول إخوتنا في لبنان الأغبر (الأخضر سابقا!).

ولا يظن ظان- آثما- بأني أحاول إعطاء أخينا «بوعبدالله» درسا خصوصيا في الممارسة السياسية، لسبب بسيط جدا هو أن العبد لله حيوان اجتماعي جاهل مكعب في السياسة، وعلم بارز في أمور «التياسة» ولله الحمد! غاية ما هنالك هو رغبتي في «لفت نظره» إلى «البنالتي» الذي أحدثه في جمهوره! ومع أن أحداً لم يسـألني عن رأيي في بدعة الطلاق غير البائن الذي مارسه صاحبنا تجاه علاقته بالبرلمان إلا أن «اللقافة» أحيانا حميدة ومنيرة لكل الأطراف!

من هنا أقول بأن المجلس القادم كما «النغل» الذي يتبرأ كل شريف من الانتساب إليه، بالاعتذار الشديد جدا إلى «النغل» طبعا لأنه لا ذنب له في «نغولته» القسرية!

back to top