طموحات في الهواء
جميل أن يكون للإنسان طموح، والأجمل أن يكون هذا الطموح مشتركاً ليحمل آمال وتطلعات أمة لتتقدم وتتطور وتحقق وحدتها من خلال العمل لهدف مشترك.أقول هذا وقد قرأنا أمنية رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد للطلبة الدارسين في الولايات المتحدة وأمله بوجود عالم فضاء كويتي، وهي أمنية لا بأس بها لو لم تكن -للأسف- عشوائية وغير مدروسة، وهي التي تأتي من أعلى رأس السلطة التنفيذية. تذكرت وأنا أقرأ تصريح المحمد ما قاله جون كينيدي في خطابه بجامعة رايس في هيوستن عام 1962، عندما قال إن البعض قد يتساءل «لماذا نذهب للقمر؟ لماذا نختاره كهدف لنا؟»، ثم أجاب «إننا كشعب نختار الذهاب إلى القمر في هذا العقد من الزمن وأن نقوم بأشياء أخرى ليس لكونها سهلة، ولكن لأنها صعبة، ولأن هذا الهدف سيجعلنا نجند كل طاقاتنا ومهاراتنا لأجله، ولأننا راغبون في دخول هذا التحدي والفوز به ولسنا مستعدين لتأجيله». وفي عام 1969 وضعت الولايات المتحدة أول إنسان على سطح القمر، وكررت ذلك خمس مرات بعد ذلك كان آخرها عام 1972.
عندما أطلق كينيدي هذا التحدي أطلق كذلك مشروعاً وطنياً التفت حوله كل الطاقات والأمنيات، تماماً كما دعا في خطابه ولم يكن خطاباً ارتجالياً غير محسوب، فكانت أحلام الصغار في ذلك الوقت هو أن يكونوا رواد فضاء وكان الناس يرون تحدي كينيدي كتحد أميركي يخصهم جميعاً. وكذا -مع فارق التشبيهات- عندما أعلن جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس وتحدى بالقول «وحنبني السد العالي» فكان مشروعا وطنيا جعل الشعب المصري يواجه العدوان الثلاثي ويصطف لأجل الهدف الأسمى مادامت الرؤية والقائد موجودين، وأحسب أن نفس الهدف هو الذي وحد الكويتيين لمشروعهم الوطني في بناء السور لحماية مدينتهم في عشرينيات القرن السابق، بل إن التحدي الكويتي جعل الكويتيين يبنون سوراً من طين بمسافة خمسة كيلومترات في شهرين فقط، بل يرى بعض المؤرخين أن بناء الأهرامات كان المشروع الموحد للمصريين الأوائل. ولا نذهب بعيداً عندما نتذكر ما كان يسمى بمشروع «السور الرابع» بعد الغزو العراقي على الكويت، والذي اتّضح أنه ليس سوراً بقدر ما هو حفرة كبيرة غالباً ما يغطيها الماء عندما تمطر، وبغض النظر عن المشروع، فقد جنّدت الطاقات لـ«بناء» السور الرابع، وتجاوب الناس، وحفرت الحكومة حفرتها.تأتي أمنية رئيس الوزراء في الوقت الذي نسمع فيه عن وعود بتقديم خطة متكاملة للبلاد، ونسمع عن تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري دون أن نعرف ماذا يعني ذلك تماماً، إلا أن ما لم نسمع به حتى الآن هو مشروع واضح المعالم يلتف حوله الشعب كمشروع جاد لبناء وطن «حقيقي» للمستقبل... في السعودية اليوم نرى الآلاف من الطلبة الذين يتم ابتعاثهم سنوياً للولايات المتحدة التي أطلق منها رئيس الوزراء أمنيته، فيما نرى وزارة التعليم العالي تغرق في شبر ماء عندما وافقت على توصية نيابية بزيادة عدد البعثات السنوية لتعود على نفس منوالها السابق بابتعاث أعداد محدودة، وكأنها احتكرت التعليم، تاركين مئات الطلبة ينتظرون فرصة أخرى للتقدم إلى بعثة أو اللجوء إلى إحدى الجامعات الخاصة أو جامعة الكويت، لتتبخر أحلام بعضهم -ربما- في أن يكون أول رائد فضاء. سمو الرئيس، هكذا عقلية كعقلية التعليم، عماد التطور والمستقبل، لن تبني وطناً، ومن دون قيادة ومبادرة ومشروع لن نبني السد العالي، ولن نبني الأهرامات، ولن نذهب للقمر، بل سنعمق حفرة السور الرابع... ونقعد فيها!***ما العنصر المشترك بين كل من الشيخ أحمد الفهد والشيخ محمد عبدالله المبارك ورئيس تحرير جريدة «الوطن» خليفة علي الخليفة ونواف الفزيع؟جميعهم أطالوا شعورهم فيما يبدو أنه «هبّة جديدة»... أحد الأصدقاء علّق «ناقص الجيكر ويطلعون باون».