مشكورة وزارة الداخلية في بيانها الذي أصدرته الاثنين الماضي على خلفية رفض عدد من أعضاء الجهاز القضائي لتصرف وزارة الداخلية بإعادة جمع الأصوات الحاصل عليها كل مرشح، وأكدت فيه أن النتائج التي أوصلتها إلى المحكمة الدستورية ليست النتائج المعتمدة لديها، وأن النتائج التي تم اعتمادها هي تلك التي تم إعلانها من قبل اللجان القضائية المشرفة على سير العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي يدعونا إلى مطالبة وزارة الداخلية في الانتخابات المقبلة بالإعلان عن النتائج التي تلقتها من اللجان القضائية المشرفة على سير العملية الانتخابية، لاسيما ان رؤساء اللجان القضائية قاموا بتسليم محاضر الفرز التجميعي لممثلي وزارة الداخلية للاحتفاظ بها في إدارة الانتخابات، وتلك المحاضر تتضمن مجموع الأصوات الحاصل عليها كل مرشح في جميع اللجان، وهو الأمر الذي يلزم إدارة الانتخابات بعدم الجمع مرة أخرى من بعد اللجان القضائية حتى لو كان ذلك بدافع الفضول لأن العبرة يا سادة بالنتائج التي تم الإعلان عنها من قبل اللجان القضائية.

Ad

الإقرار يا اخوة بجواز الاعتماد على النتائج التي تعتمدها وزارة الداخلية أو الحديث عن حجيتها مبدأ خطير سيكلف العملية الديمقراطية الكثير من التراجع الذي لن تحمد عقباه، وسينسف مبدأ الحيادية الذي حرص المشرع على إعماله عندما أناط للسلطة القضائية سلطة الإشراف والرقابة على سير العملية الانتخابية، وترك دور التنظيم لا أكثر لوزارة الداخلية التي لعبت دورا لا أحد ينكره خلال الانتخابات الماضية، ولكن الصناديق وما تحتويه والأرقام الخاصة بالعملية الانتخابية هي من شأن السلطة القضائية.

إذا ما قبلنا هذا العام باعتماد ما عرضته وزارة الداخلية للمحكمة الدستورية وهي بالتأكيد تملك نتيجة أخرى تسلمتها من قبل اللجان القضائية وهي النتيجة المعلنة، فسنحقق بذلك سابقة ستكون حجة يمكن الاعتداد بها خلال الطعون الانتخابية المقبلة والمتعين طرحها أمام المحكمة الدستورية من بعد كل انتخابات برلمانية، وهي أن لمحاضر وزارة الداخلية التي تقوم بتدوينها حجية من بعد الاطلاع على محاضر الفرز التجميعي المعدة من قبل اللجان القضائية، على الرغم من أن عملية الجمع والفرز والرصد وكل ما يخص العملية الانتخابية من اختصاص اللجان القضائية لا سلطة أخرى، بل ان المشرع حرص على تكليف القضاء بهذه المهمة لأنه يمثل سلطة حيادية، في حين وزارة الداخلية وبسبب موقعها في السلطة التنفيذية تعد خصما شريفا في العملية الديمقرطية، وبالتالي هي تحرص على سلامة العملية الديمقراطية ولكن من يطمئن لتلك السلامة هي السلطة القضائية.

في الختام أقول اعان الله مستشاري المحكمة الدستورية على المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، وأن يوفقهم في اتخاذ حكمهم الصائب والذي سيكون حجة وعلى الجميع احترامه والعمل فيه مهما كانت نتيجته.