ناظم حكمت يحصل على الجنسية!

نشر في 25-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 25-01-2009 | 00:00
No Image Caption
«أجمل البحار، ذلك الذي لم يزره أحد بعد أجمل الاطفال، ذلك الذي لم يكبر بعد أجمل أيامنا، تلك التي لم نعشها بعد أجمل الكلمات، التي وددت قولها لك، هي تلك التي لم أقلها بعد» كلمات خالدة من نظم الشاعر التركي العملاق ناظم حكمت الذي فاق تأثيره على مسيرة الشعر العالمي اثر شعراء كبار. ويقال إن...
 أ.د. غانم النجار «أجمل البحار، ذلك الذي لم يزره أحد بعد

أجمل الاطفال، ذلك الذي لم يكبر بعد

أجمل أيامنا، تلك التي لم نعشها بعد

أجمل الكلمات، التي وددت قولها لك،

هي تلك التي لم أقلها بعد»

كلمات خالدة من نظم الشاعر التركي العملاق ناظم حكمت الذي فاق تأثيره على مسيرة الشعر العالمي اثر شعراء كبار. ويقال إن من ضمن من تأثروا بشعره عربيا نزار قباني وعبدالوهاب البياتي وبلند الحيدري وغيرهم، بالاضافة الى العديد من شعراء العامية.

مناسبة الحديث هي قرار الحكومة التركية اعادة الجنسية له، حيث كانت قد اسقطت عنه في 1959.

ولد ناظم حكمت في 20 يناير 1902، ومع انه كان قد ايد الحركة الاتاتوركية، الا انه اصبح معارضا لها لاحقا، فأودع السجن لسنوات، واستطاع الفرار منه عام 1950، واستقر في موسكو، لكنه ظل يذهب في شعره بعيدا الى آفاق الانسانية الرحبة، حتى انه يمكن ان يطلق عليه شاعر الانسانية، ويحن الى موطنه دوما.

«ثمة اناس يحفظون أسماء النجوم

أما أنا فأحفظ

أسماء الشوق والحنين»

ترجمت كتبه واشعاره الى اكثر من خمسين لغة، لكنه ظل ممنوعا في تركيا حتى فترة قريبة، لان اشعاره «تقوض اركان الحكم»، وكم كان السياسي الذي فكر بهذه الطريقة صغيرا، فقد تجاوز ناظم حكمت بشعره وحسه الانساني العالم.

مناسبة الحديث هنا ليست عن الشعر، وعن تأثير ناظم حكمت، لكنها عن تسلط السياسيين وتحكمهم في ابسط حق من حقوق الانسان، وهو الحق في الجنسية، بالطبع فإن اعادة منح الجنسية لناظم حكمت هي حق، ولكن كم من البشر اسقطت جنسياتهم وسحبت من دون وجه حق، ولا يعرفهم احد، فإعادة الجنسية الى شخصية بحجمه واسهاماته الانسانية هي قضية رمزية، لن تقدم او تؤخر كثيرا، لكنها اعادت القاء الضوء على واحدة من اخطر قضايا الاستلاب وتسلط البشر على البشر.

غوانتانامو

قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما بإغلاق معتقل غوانتانامو خلال عام هو قرار في الاتجاه الصحيح. وكذلك قراره بإيقاف استخدام الاجراءات التعسفية في التحقيق واغلاق السجون السرية في العالم، الا انه من المهم التنبيه على ان المسألة بحاجة الى المزيد، فغوانتانامو ليس الا مكانا، بينما المشكلة هي في العقول، فهناك حاجة الى محاسبة اولئك الذين استسهلوا ظلم الانسان، ايا كان لونه واصله ودينه، ولدينا في منطقتنا العربية نماذج بشعة من ذلك.

قرار اوباما ذاك، والذي جاء في اول يوم لتوليه الرئاسة لم يأت من فراغ، لكنه جاء من خلال حملات دؤوبة مستمرة قادتها مئات المنظمات الحقوقية في العالم كمنظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للحقوقيين، ومنظمة ريبريف وهيئة الخبراء الدوليين، التي كنت قد تشرفت بعضويتها وغيرها. تلك المنظمات التي اثبتت مجددا التزامها الصادق بقيم وكرامة الانسان حتى ولو كان متهما بأنه اسلامي ارهابي، وحتى لو كان الذي يوجه الاتهام هو القوة العظمى في العالم.

ولم تكن تلك الحملات التي احرجت الولايات المتحدة امرا سهلا كما قد يتصور البعض، ولنأخذ على سبيل المثال المحاولة التي قادتها منظمة ريبريف والعفو الدولية للحصول على توكيلات قانونية من اهالي المعتقلين لاستكمال الاجراءات القانونية لتمثيل المعتقلين امام المحاكم الاميركية وغيرها.

لم يكن الوصول الى الاهالي سهلا، ولم تكن الدول العربية والاسلامية معينا، بل مارست تضييقا وتشكيكا في اولئك المحامين والناشطين. وفي احدى المرات رفض شقيق احد المعتقلين مصافحة المحامي الغربي المتطوع للدفاع عن شقيقه استنادا الى ان عقيدته ترى أن مصافحة ذلك «الكافر» محرمة شرعا لانه «نجس».

لاشك ان الطريق طويل امام المؤمنين بكرامة الانسان، ولكني على يقين بأنهم سيستمرون في تلك المسيرة، ولا شك ان رسالة الشكر التي وجهتها منظمة العفو الدولية الى الملايين من الذين ساهموا في حملة اغلاق غوانتانامو هي رسالة مستحقة، وهي رسالة لكل المتعلقين والمتشددين والمتطرفين، بان العالم يستوعب الجميع، وليس عدا ذلك الا الخراب والدمار.

back to top