يُروى في قصص الأمثال الشعبية أن أحد الأشقياء كان يتعيش على ما يأخذه بالقوة من الناس، وفي أحد الأيام وقف على الجسر فلما رأى شخصاً حافياً اسمه جمعة استوقفه، وقال له «لازم تدفع آنة (عملة قديمة)، فرد جمعة: وليش أدفع آنة، فقال الشقي لأنك حافي القدمين، فقال جمعة «وهو الحافي عنده آنة؟! فدفعه الشقي في صدره فسمع «صوت دجاجة في عبه»، فقال: وعندك دجاجة بعد، صاروا آنتين، فقال جمعة: هذا كله من زوجتي، قالت لي وصل الدجاجة لبيت أختي، فقال الشقي: ها وتسمع كلام زوجتك، صاروا ثلاث آنات، فقال جمعة للشقي: صدقني ما عندي ولا آنة، فضربه الشقي على رأسه فبانت صلعته، فقال الشقي: وهم أنت أصلع، الآن صاروا أربع آنات، فصاح جمعة: «أربع آنات، أويلي على بختك يا جمعة»، فقال الشقي: وهم اسمك جمعة، «كانت ناقصة وكملت»، فصار مثلاً لمن تتوالى عليه المصائب والمشاكل من كل حدب وصوب.
هذا المثل ينطبق على الحكومة، فيبدو أن المشاكل تتراكم عليها باستمرار، ولعل آخر ما كان ينقص الحكومة فضيحة «الشيكات» المدوية التي أعلنها النائب فيصل المسلم، والتي يتهم فيها رئيس الحكومة بتقديم شيكات لبعض نواب مجلس الأمة ربما كعربون «صداقة ومحبة»، أو «أعمال خيرية». لو لم يكن للحكومة من خطايا إلا فضيحة الشيكات لكفى حتى يكون أولى بها أن تستقيل، خصوصا أن النفي الذي جاء على لسان وكيل ديوان رئيس الوزراء نايف الركيبي جاء متأخراً أياماً عدة، وكان ملتبساً، ولم ينف أن هناك مبالغ تدفع من قبل رئيس الوزراء «للأسر المتعففة والمحتاجين» عن طريق «بعض» النواب. لكن هل يعقل أن تصل مساعدة «أسرة متعففة» إلى 150 ألف دينار؟! إذا ثبتت تهمة شراء رئيس الحكومة لذمم بعض النواب فإنه يفترض على بقية الوزراء أن يكون لهم موقف مبدئي بالاستقالة، خصوصا الوزيرين الممثلين للتكتل السلفي والتحالف الإسلامي أحمد باقر وفاضل صفر، هذا إذا كان كلا التكتلين صادقين عندما يتحدثان عن الثبات على المبادئ برغم دخولهما الحكومة، وما يزيد الطين بلّة موقف التكتلين «الضبابي» من موضوع إحالة الاستجوابات المقدمة إلى المحكمة الدستورية والعزف المستمر على لحن «المحافظة على الاستقرار». أما بقية الوزراء فبالتأكيد لا نتوقع منهم موقفاً مبدئياً، خصوصا بعد أن صرح أحدهم لجريدة «القبس» بأنهم- أي الوزراء- آخر مَن يعلم عما يجري في البلد، وأنهم يتابعون ما يجري عبر الصحف حالهم حال بقية المواطنين.أغلب الظن أن جلسة اليوم الثلاثاء هي آخر جلسة لمجلس الأمة- هذا إذا قيض لها أن تعقد من الأساس- لأن قرار الحل لن يتأخر أكثر من ذلك، لأنه أصبح أمراً مستحقاً بعد كل اللكمات والصفعات التي تلقتها الحكومة من المجلس، والتي كان آخرها لكمة «الشيكات» القاضية، وربما يكون القادم أسوأ. صحيح أن التكسب السياسي لبعض النواب والعبث السياسي من وراء تقديم بعض الاستجوابات أوضح من الشمس في رابعة النهار، لكن من الصحيح أيضاً أن حكومة تتعاطى مع الأمور بطريقة الشيكات هي حكومة لا تستحق أن تدير البلد، فهي حكومة حافية القدمين، وبانت صلعتها وتسمع كلام غيرها، وقلبها قلب دجاجة.تعليق: الاستجواب الذي أعلن النائب حسن جوهر أنه سيتقدم به الأسبوع المقبل لوزيرة التربية يمكن أن يطلق عليه استجواب الوقت الضائع، فهناك قناعة عامة بين المتابعين للشأن السياسي أن حل مجلس الأمة قاب قوسين أو أدنى، وبالتالي لا معنى لأي استجواب جديد في هذا الوقت، وعدا عن ذلك فإن د. حسن عندما كان يُسأل في السابق عن سبب تأخره في تقديم استجوابه الذي طالما هدد به وزيرة التربية كان يرد بأن الجو السياسي غير مناسب في الوقت الراهن، فهل التوقيت السياسي الحالي مناسب للاستجواب يا أبا مهدي؟ أم أن الاستجواب هو من باب إبراء الذمة ليس إلا؟! أما انتهاك الحرم الجامعي ومنع أساتذة الجامعة من حرية التعبير بأوامر من إدارة الجامعة، فإنه موقف مخـــزٍ يضاف إلى سجل الإدارة الأسود، والعتب هنا ليس على الإدارة الجامعية، إنما العتب على مَن سمح لهذه الإدارة المعوقة في الاستمرار في إدارة جامعة الكويت كل هذا الوقت.
مقالات
كانت ناقصة وكملت
17-03-2009