في ختام كتاب عاصم عبد الماجد، يحذر المؤلف من توسيع عمليات «القاعدة» داخل ديار الإسلام أو في الغرب، كما يحذر من احتمال استخدام «القاعدة» لأسلحة غير تقليدية، لأنه سيتحول إلى كارثة نووية فوق رأس العالم الإسلامي، وهو إذ يحذر لم ينس أن يبشر ويوجه إلى شباب «القاعدة» أو المتأثرين بفكرهم نصائح سياسية وفقهية نقرأها معاً.

Ad

الجريدة

كل ما أسلفته سابقاً كان مقدمة ضرورية لنصيحتي التي أتوجه بها إلى الإخوة الأفاضل قادة «القاعدة» وغيرها من الحركات الإسلامية التي شاركت بالفعل في شن هجمات على الرعايا الغربيين، سواء في بلادهم أو في بلادنا، وإني آمل من الله تعالى أن تقع هذه النصيحة موقعها الذي أريده لها من قلوب وعقول هؤلاء القادة وليسمحوا لي أن أوجزها في نقاط:

أقول في الأولى منها:

لا فائدة من توسيع ساحة المعركة لتشمل دول العالم الإسلامي إلا زيادة استعداء الحكومات القائمة فيها على الحركات الإسلامية عامة، وعلى «القاعدة» وأخواتها خاصة، فضلاً عما يشتمله نقل المعركة إلى ديار المسلمين من مخالفات شرعية وخروقات وفتن ومفاسد أشدها على النفس نقض عرى الإسلام الباقية، فلتعلن «القاعدة» وأخواتها أنها توقف عملياتها داخل بلاد العالم الإسلامي إبقاءً على شرائع الإسلام المتبقية في الأمة واحتراماً لعصمة دماء المسلمين وأموالهم ووفاءً بعهود الأمان المبذولة لغير المسلمين ممن يدخلون بلاد المسلمين.

وأقول في الثانية منها:

إن الإصرار على تنفيذ مزيد من العمليات داخل أميركا أو غيرها من دول الغرب المسيحي سوف يستنفر هذه الدول والشعوب لترد رداً عنيفاً قاسياً، وسوف يفجر صراع الحضارات دون أن يكون لـ«القاعدة» أو غيرها القدرة على خوض مثل هذا الصراع أو الانتصار فيه.

وإنه إذا صح ما تناقلته وسائل الإعلام من أن «القاعدة» تبحث عن وسيلة لشن هجوم بأسلحة غير تقليدية على الدول الغربية، فعليها أن تتوقع -بل توقن- أن الرد سيكون شن حرب نووية ضد أهداف مختارة في العالم الإسلامي. وإن السبيل الممهد لغل يد اليمين المسيحي في أميركا ومن يسانده في بريطانيا أو غيرها عن الاستمرار في حملتهم العسكرية ضد «القاعدة» وأخواتها وضد العالم الإسلامي بأسره ليس هو ضرب العمق الأميركي، فهذا يؤدي إلى العكس تماماً على غرار ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر، بل إن السبيل إلى ذلك يتم عبر تأمين هذه الشعوب وإشعارها بأنها غير مستهدفة بأي صورة من صور الأذى. عندئذ، وعندئذ فقط ستزول الحالة الهيستيرية المسيطرة على الرأي العام الأميركي والتي يستغلها المحافظون الجدد هناك لضمان بقائهم في السلطة ولتنفيذ مخططاتهم الدنيئة... وعندئذ -عندئذ فقط- سينقلب الشعب الأميركي على هذه الثلة المهووسة ليحاسبها على ما فعلته بالاقتصاد الأميركي وما أهدرته من دماء أبنائه في العراق أو غيره.

أقول في الثالثة:

لن يكون بعد إعلانكم وقف استهداف الغربيين في بلادهم أو بلادنا، أقول لن يكون هناك أي مبرر أو عذر يعتذر به الأميركيون لدوام احتلالهم أفغانستان والعراق، فإذا وجهتم جهادكم وسهامكم إليه في أراضينا المحتلة فلا لوم ولا تثريب عليكم، لا من قريب ولا من بعيد، وسيكون جهادكم عندئذ مؤيداً من الجميع بالقول والعمل، فضلاً عن أنه سيكون ذا هدف معقول يمكن بلوغه فيصح التضحية لأجله، ثم إنه ميدان جهاد واسع يستوعب طاقات «القاعدة» وأخواتها وغيرهم، ثم إنه جهاد واجب باتفاق ولا غبار على شرعيته، وهو فرض عين كما نعلم جميعاً.

كما أن إعلانكم قصر جهادكم على هذه الأرض المحتلة سيعطيكم المبرر الأخلاقي أمام العالم كله بما في ذلك الغرب -وهذا بالمناسبة أمر جاء الشرع بمراعاته وفي إهماله مفاسد عديدة- هذا مع كونه يسلب المعتدي أي مبررات أخلاقية للاستمرار في حملته العسكرية، ثم إنه يرأب الصدع الذي حدث داخل بلاد المسلمين ويخفف من استهداف أبنائكم في طول العالم وعرضه.

أقول رابعاً:

إذا لم تقع هذه النصيحة موقعها الذي أرجوه في نفوسكم، فلعله لعيب في الناصح فاستمعوا إذن إلى ناصح غيري، فلن تعدموا في هذه الأمة الطيبة المباركة ناصحاً مخلصاً يدلكم على ما فيه الرشاد، لكن لا يصح لكم بحال الإصرار على أمر قد بانت مفاسده ولاحت معاطبه، وإلا فإنكم تتحملون أمام الله وزر إحراق دول للإسلام كانت قائمة، وتخريب ديار بالإسلام كانت ناطقة، ونقض عرى للإسلام كانت باقية، ومحو شرائع للإسلام كانت قائمة.

مظلة الخلافة والواقع

وإذا كانت هذه نصيحة العبد الضعيف لتدارك ما يمكن تداركه مما فات فقد بقيت نصيحة واجبة لما هو آت أوجهها إلى علماء الأمة، فهنالك حاجة ملحة إلى تدوين فقه معاصر في مختلف المسائل والقضايا التي تغير فيها واقعنا اليوم -تغيراً مؤثراً في أحكامها- عن واقع أسلافنا القدماء وسادتنا العلماء الذين دونوا الفقه المعروف المشتهر، وعلى رأسهم فقهاء المذاهب الأربعة الشهيرة المتبوعة، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.

فالجهاد -مثلاً- بكل ما اشتملت عليه أبوابه في كتب الأقدمين كالأمان والعهد والذمة والغنائم والديار وأحكامها وغيرها، قد دوِّن في عصر الدولتين الأموية والعباسية وقت أن كان المسلمون في أوج قوتهم وكانت مظلة الخلافة تجمعهم وقد استنبط الفقهاء مسائل هذا الباب من النصوص القرآنية والنبوية التي نزلت وقيلت في أواخر العهد المدني، حيث اكتملت قوة المسلمين الأوائل. والسلف في عملهم هذا مصيبون قطعاً فقد تكلموا واجتهدوا لواقعهم وبما يناسب أيامهم واعتمدوا على نصوص نزلت في واقع يشابه واقعهم.

لكن اليوم وقد دار الزمان دورات وتبدّلت الأحوال وسقطت منذ أمد بعيد خلافة الإسلام وتمزق العالم الإسلامي دولاً ودويلات وانسحب الإسلام من كثير من ميادينه وقامت للإسلام طوائف تدعو إليه دون أن يكون لديها قدرة أو استطاعة، وافترق أهل السلطة عن أهل الدعوة، وفارق الحديد الكتاب بل ربما حاربه وعاداه، فلا شك أننا في حاجة إلى فقه جديد للجهاد يناسب هذا الواقع بحيث يصير الجهاد محققاً للمصالح المشروعة ودافعاً للمفاسد المحذورة. وقد أدى غياب مثل هذا الفقه إلى اتجاه الشباب إلى تحصيله من كتب سلفنا الصالح، فقرأوا فيها أحكاماً قيلت لواقع غير واقعهم ولم يفطنوا لذلك فسحبوها إلى واقعهم دون أن يدركوا وجود فارق مؤثر.

فلماذا ينشغل علماؤنا الأفاضل عن مثل هذه المسائل التي تحتاج إلى تجديد نظر واجتهاد حديث، ويهتمون بإعادة إنتاج ما قاله أسلافنا في أبواب العبادات أو المواريث ونحوها؟

ومتى سنشهد اجتهادات معاصرة في هذه المسائل الخطيرة كما اجتهد ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لعصرهما فجاءت اجتهاداتهما نوراً اهتدى به طلاب العلم وعامة المسلمين في عصرهما، ومازال طلبة العلم في عصرنا يلتمسون منه قبساً يضيء لهم بعض ما ادلهم وأبهم عليهم.

كلمة إلى الشباب

بقيت كلمة لابد منها للشباب المسلم، أولئك الذين اجتهدوا في طلب سبيل ينصرون به الدين، وحسبوا أن تفجيرات «القاعدة» هي السبيل الأمثل لذلك، فقاموا بما قاموا به مما بينّا وجه خطئه وخطره على الأمة. وليست كلمتي التي أوجهها اليوم إليهم إلا محاولة لنصرتهم. وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصرتهم حين قال: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» وقد أطلنا في نصرتهم حال كونهم ظالمين عبر المقالات السابقة أملاً في أن يتوقفوا عن ظلمهم لأنفسهم وأمتهم، وأن يترفقوا بالإسلام والمسلمين، لكن لو توقفنا عند هذا الحد لكنا ظالمين لهم، فلابد أن نكمل الشوط وننصرهم مظلومين.

فلقد ظلم هذا الشباب ظلماً شديداً...

نعم، لقد ظلمناهم حينما فتحوا أعينهم فوجدوا أمتهم في غربة عن دينها، ظلمناهم عندما نشأوا في أحضان أمة أمرها الله أن تكون قوية مرهوبة الجناب فوجدوها ضعيفة خائرة البنيان.

ظلمناهم حينما شبوا عن الطوق ليجدوا أن السبل المفتوحة للغواية أضعاف أضعاف تلكم المفتوحة للهداية.

ثم ظلمناهم عندما لم نأخذ بأيديهم كما يأخذ الشيخ بيد المريد ويسير به خطوة بعد خطوة في طريقه إلى الله.

وظلمناهم أيضاً عندما لم تفتح لهم أمتهم طريقاً واضحاً مستقيماً يستوعب طاقاتهم ورغبتهم الصادقة في نصرة الدين.

نعم ظلمناهم حين قلنا لهم بأفعالنا: إننا راضون أن نعيش في ذيل الأمم وقاع الدول فقراً وتخلفاً وضعفاً وجهلاً.

حتى إذا رفض هؤلاء الفتية واقع أمتهم البائس وراحوا يجتهدون كيف يكون طريق خلاص أمتهم بعد أن التزموا في أنفسهم بسلوك طريق ربهم، فأصابوا في أشياء وأخطأوا في أشياء لم يعجبنا ذلك ولم نتوقف عن ظلمهم فظلمناهم عندما رفضنا أن نعترف لهم بما معهم من صواب وبما هم عليه من صلاح.

وظلمناهم كذلك عندما أبينا أن نقر بأنهم عندما أخطأوا أخطأوا متأولين، وكم من عالم وعابد ومجتهد وسالك أراد الحق فأخطأه، لكننا كنا قساة عندما أبينا أن نقول لهم ذلك وقلنا فقط إنهم مخطئون بلا عذر ولا تأويل، بل اخترنا أن نصفهم ونعاملهم بما يصفهم ويعاملهم به أعداء الأمة والملة رغم ما في هذا التصرف البائس من خطر داهم عليهم وعلى الأمة كلها.

أشد المحرمات

واليوم أتوجه إلى هؤلاء الشباب داعياً الله تعالى أن يشرح للحق صدورهم وأن يهديهم رشدهم، وأن يجعل لهم فرقاناً ونوراً يميزون به بين الصواب والخطأ.

فيا إخواننا وأبناءنا:

أعيدوا النظر في ما تفعلونه وفي نتائجه وجدواه، وقبل ذلك انظروا مدى موافقته للشرع ولا تجمدوا عند اجتهاد ظننتموه يوماً صواباً وحقاً خالصاً وقولاً قاطعاً ويقيناً جازماً بينما هو قول من ليس بمعصوم، فلا تجعلوه أبداً في منزلة قول المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي قال، وقوله حق واجب اتباعه: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة».

وقال: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».

وقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».

وأخبر أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة، وقال لأسامة بن زيد وقد قتل -متأولاً- من قال «لا إله إلا الله» في المعركة، فاشتد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومها وراح يكرر عليه: «فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» وهذه وغيرها نصوص قاطعة وليس في قول من اجتهد لكم شيء قاطع، بل هي ظنون يكثر فيها الخطأ، فلا تعدلوا عن النص القاطع إلى قول ليس بقاطع بل ليس بصحيح.

وأنتم لو تركتم هذه التفجيرات العشوائية لما كنتم تاركين واجبا، لكنكم لو أقدمتم على ما فيه هلاك مسلم بغير حق لكنتم مرتكبين محرما من أشد المحرمات إثماً.

وساحات الجهاد التي تنصرون فيها الدين والأمة معلومة وهي مشرعة مفتوحة على مصاريعها لم تغلق، فمن قدر على الجهاد فعليه بها، ومن عجز عن بلوغها لعذر شرعي صحيح فإنه «لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا»- (البقرة 286). لكن لا يصح له بحال أن يحول ديارنا إلى ساحات حرب يقتل فيها المسلم قبل الكافر، ويستهان لأجل ذلك بدماء المسلمين وأمانهم وعهودهم.

أخطاء أهل العلم

انظروا -يرحمكم الله- في كل اجتهاد خالف النصوص القطعية فاطرحوه جانباً، فإن ابن عباس قال يوماً حديثاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فعارضه بعضهم باجتهاد أبي بكر وعمر وقولهما... فصاح فيهم ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر.

وقال الشافعي: «إذا خالف قولي الحديث فاعملوا بالحديث واضربوا بقولي عرض الحائط».

فلا يستعظمن أحد أن يقال له أخطأت، أو أن يقال له أعد النظر في اجتهادك، فإنه لا يصح أو انه اجتهاد خاطئ.

خصوصا أننا نقول لكم إنها ليست أخطاء هوى ولا عناد، بل هي أخطاء اجتهاد. ولايزال سادتنا وسادتكم من أهل العلم والدين يخطئون في اجتهاداتكم ويصححونها ويرجعون عنها، بل إن سيف الله المسلول خالد بن الوليد تأول في قضايا تتعلق بالدماء فقتل من لا يجوز قتله حتى رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه قائلاً: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد»... ولم يقدح ذلك في دين خالد كما لم يقدح رجوع بعض المجتهدين، بل جميعهم، عن بعض اجتهاداتهم... لم يقدح ذلك، لا في دينهم ولا في علمهم، بل رفع ذلك من شأنهم.

ولا تحسبوا عندما نقول لكم أخطأتم بقتل أهل الأمان ولو كانوا كفاراً، أننا ندافع عن هؤلاء لمودة بيننا أو رضاً منا بأفعالهم وأحوالهم، بل نحن أشد الناس بغضاً لهم كما أننا من أشد الناس حباً لكم، لكن هذا شيء والنصح شيء آخر. ولقد قتل بعض الصحابة اثنين من المشركين في آخر ليلة من شهر رجب، وهو من الأشهر الحرم، فنزل القرآن يخبر بأنهم أخطأوا في بيان رائع «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ» (البقرة 217)، ورغم أن هؤلاء أولياء الله وأحباؤه فإن القرآن أخبر بخطئهم ثم لما كان عدوهم من مشركي قريش أشد خطأ وأعظم إثماً من كل وجه، وبما لا يقارن بخطأ المؤمنين بيَّن القرآن ذلك في السياق نفسه فذكر القرآن في حق المشركين أنهم يصدون عن سبيل الله ويكفرون به ويصدون عن المسجد الحرام ويخرجون أهله من المؤمنين من البلد الحرام ويفتنونهم في دينهم، وذلك كله أكبر من خطأ المؤمنين.

الإعلان الصريح

وكذا نقول لكم (أيها الشباب)، فأنتم وإن كنتم أخطأتم فإن من عاديتموهم من أهل الشرك أشد خطأ، بل إنهم مغرقون في الخطأ بعيدون عن كل خير، مصرون على الشرك والضلالة والفساد والخنا، لكن كما أن الأولين قد منع الشهر الحرام قتلهم حتى صار مَن قَتَلهم مخطئاً لحرمة الزمان، فكذا هؤلاء منع الشرع قتلهم لحرمة الأمان.

فاللهَ اللهَ في المسلمين لا تقتلوهم في ديارهم وفي أوطانهم التي أسلم فيها أجدادهم ولايزالون فيها آمنين.

اللهَ اللهَ في ذمة المسلمين وعهود أمانهم لا تنتهكوها فتكونوا من الغادرين.

اللهَ اللهَ في البلد الحرام ومعقل الإسلام الأول وحصنه الباقي لا تجعلوه دار حرب وساحة قتال.

الله الله في عرى الإسلام الباقية، لا تذهب بها تفجيراتكم وخطتكم العشوائية.

الله الله في أنفسكم لا تهلكوها في غير ميدان الجهاد الصحيح شرعاً، والمفيد واقعاً.

ولقد نمى إلى علمنا ونحن نجهز هذه الصفحات أن بعضا ممن تثقون في علمهم ودينهم وتصدرون عن فتواهم ورأيهم قد رجعوا عن بعض فتاواهم التي استندتم إليها في أفعالكم، وإن لكم إن شاء الله تعالى في هؤلاء أسوة وقدوة، وأنتم إن شاء الله تعالى تمتلكون شجاعة الاعتراف بخطئكم والكف عنه ثم تصحيحه، ولا تصدنكم وسوسة الشيطان لكم أن الناس قد أغلقوا في وجوهكم سبيل المراجعة وإعادة النظر، فإن هذا سبيل واسع لا يقدر مخلوق على إغلاقه في وجه أحد قط، وإن الله تعالى هو المتكفل به وبمن سار عليه يوسع عليه وإن ضيّق الناس، ويرحمه وإن أبى الناس، وينجيه وإن كاده الناس، وقد قال ربنا تعالى: «وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)» (الطلاق).

فإن أردتم طريقاً مستقيماً يفضي إلى حسم الأمور سريعاً ويعيد الأمور إلى نصابها، ويعجل بإنهاء محنتكم، ويرفع عند الله وعند الناس قدركم، وتهدون به إلى مراشد الأمور فأعلنوا إعلاناً صريحاً لا لبس فيه توقفكم عن مثل تفجيراتكم السابقة.

هدانا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه

كتبه

الفقير إلى عفو ربه

عاصم عبد الماجد

في الخامس من شوال

لعام أربعة وعشرين وألف وأربعمئة