كوكبنا، كوكب الإنسان، «الإنسان فقط وليس السني أو الشيعي أو المسيحي أو البوذي» في خطر... وكلنا نتشارك ونتقاسم المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية في إنقاذه، فهل نلتفت إليه وإلى قضايا السلام والتنمية المستدامة والتغيير المناخي وغيرها من الأمور التي تفيد الإنسان والبشرية؟
على العالم أن يتحرك الآن وفوراً إن أراد إنقاذ كوكب الأرض من كارثة حقيقية، إذ تشير بعض التقارير إلى أن الوقت قد نفد، وأن التغيير المناخي قادم لا محالة... وما علينا الآن إلا إنقاذ ما يمكن إنقاذه أو البحث عن حلول للتكيف مع التأثيرات السلبية لهذا التغيير المناخي، فقد توصلت تقارير الأمم المتحدة في ١٩٩٥ و٢٠٠٧ إلى أن الاحتباس الحراري خطر داهم يهدد كوكب الأرض، وأن المتسبب الرئيسي له هو الإنسان وما أحدثته الثورة الصناعية من تراكم للغازات المنبعثة «بسبب حرق الفحم والخشب والغاز والنفط وغيرها» التي أثرت بشكل كارثي على توازن الطبيعة في كوكب الأرض. لذا بدأ المهتمون بشؤون البيئة التحرك ودق ناقوس الخطر لاسيما بعد وصول معدل ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات خطيرة، وبعد ذوبان المحيط المتجمد الشمالي في صيف ٢٠٠٨ بشكل غير مسبوق لدرجة أن الممر الشمالي الغربي من القطب الشمالي قد فتح تماماً بسبب ذوبان الجليد، الحدث الذي أجبر المتشككين على التخلي عن جدلهم في التقليل من خطورة الاحتباس الحراري.ويجادل البعض بأن هذه المشكلة هي أعظم من خطر الإرهاب الذي يتوجب على العالم الالتفات إليه قبل فوات الأوان... ذلك أنها قد تهدد الحضارات والإنجازات الإنسانية بشكل دراماتيكي، فارتفاع درجات حرارة الغلاف الغازي في العالم سيؤدي إلى تغييرات في الأنماط المناخية، مثل انصهار نسب كبيرة من الثلوج وارتفاع لمنسوب مياه البحار وبالتالي حدوث الفيضان الذي قد يتسبب في إغراق الجزر والمناطق الساحلية التي تضم العديد من المناطق الآهلة بالسكان، بالإضافة إلى حدوث كوارث طبيعية أخرى مثل الأعاصير والتصحر والجفاف وحرائق الغابات، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة أحداثاً كثيرة لكوارث طبيعية في أنحاء متعددة من العالم بسبب تلك التغييرات المناخية.إن مشكلة التغيير المناخي هي ليست بيئية فحسب، بل هي اقتصادية وسياسية واجتماعية، فقد تتسبب بكوارث إنسانية كثيرة تهدد الأمن والاستقرار العالمي مثل ازدياد الحروب والنزاعات، وتدفق اللاجئين والمهاجرين بسبب الكوارث البيئية إلى المناطق والدول المجاورة، بالإضافة إلى انتشار المجاعات والأمراض وسوء التغذية، والصراع على مصادر المياه والغذاء بسبب شح الموارد المائية والمحاصيل الزراعية. وما الصراع الدموي الذي اندلع في إقليم دارفور بسبب مشكلة الجفاف والتصحر التي أدت إلى التنافس على المراعي ومصادر المياه إلا مؤشر واضح على خطورة التغيير المناخي.أما بالنسبة للكويت، فبرغم تردي الأحوال البيئية بسبب التلوث وطرق حرق وردم النفايات ووجود المصانع في أماكن مأهولة وغيرها من الأمور، إلا أننا ينقصنا الوعي البيئي والإرادة السياسية الجادة للسلطتين التشريعية والتنفيذية في اتخاذ الإجراءات اللازمة في تفعيل قوانين وقيود ملزمة من أجل حماية البيئة في الكويت والمساهمة في إنقاذ كوكبنا من التغيير المناخي المدمر الذي بدأ يضربنا من خلال العواصف الغبارية والجفاف.وعلى الرغم من ذلك، ثمة مؤسسات وجماعات كويتية فاعلة في مجال البيئة تعمل بجد واجتهاد، كجماعة الخط الأخضر، وهي أول جماعة ضغط خضراء في الخليج العربي، ولها نشاط فاعل وحيوي في مجال البيئة، بالإضافة إلى الهيئة العامة للبيئة، وهي هيئة حكومية معنية برصد المخالفات البيئية، وأيضا، هناك شركة إكولبريم، وتعني «التوازن»، وهي شركة رائدة وفريدة من نوعها تقدم خدمات توعوية للشركات والطلبة والأفراد في ما يتعلق بالشؤون البيئية والتغيير المناخي، لمساعدتهم في تطوير استراتيجية بيئية من أجل خلق شركات ومنازل صديقة للبيئة، وهي بذلك تسعى إلى عودة التوازن في الطبيعة، هذا بالإضافة إلى التوازن، بالنسبة للشركات، بين الأرباح والمسؤولية المجتمعية والأخلاقية. وإن أردتم التقليل من ثاني أكسيد الكربون ومصادر التلوث الأخرى في بيئاتكم الخاصة زورا موقع إكولبريم eqcco.com أو موقع climatecrisis.net، وهي خطوات صغيرة لن تكلفنا شيئا ولكنها تعني الكثير لعالمنا المهدد بالأخطار البيئية... فهي مسؤوليتنا الأخلاقية جميعا أن نحافظ على مستقبل أبنائنا.كوكبنا، كوكب الإنسان، «الإنسان فقط وليس السني أو الشيعي أو المسيحي أو البوذي» في خطر... وكلنا نتشارك ونتقاسم المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية في إنقاذه، فهل نلتفت إليه وإلى قضايا السلام والتنمية المستدامة والتغيير المناخي وغيرها من الأمور التي تفيد الإنسان والبشرية بدلا من تضييع الوقت في سفاسف الأمور وتفاهاتها؟والسؤال هنا: إلى متى نعتمد على مصدر وحيد ناضب، يحاول العالم اليوم التخلص منه بأسرع وقت لأنه المسبب الأكبر لعملية الانحباس الحراري، خصوصا في ظل سياسة أوباما التي تسعى إلى استبدال الوقود بمصادر أخرى؟ إن الدمار الذي صنعه الإنسان أكبر من أن نتخيله... وقد أهمل هذه المشكلة وقلل من شأنها لفترة طويلة، واليوم قد تصبح المسألة التي كانت يوماً ما سهلة الحل، قد تصبح خارج السيطرة والتحكم... وربما تتصاعد الأزمة بشكل فجائي كلما تزايدت حدة التغيير المناخي، وقد حذرنا آل غور، نائب الرئيس الأميركي الأسبق، الذي نال جائزة نوبل للسلام بسبب فيلمه الوثائقي «حقيقة مزعجة» (الحاصل أيضا على جائزة الأوسكار) حذرنا من أن «ما نعتبره مسلّمات قد لا يكون موجوداً لأجل أولادنا».
مقالات
كوكبنا في حالة طوارئ
26-02-2009