الغرب الذي كان...

نشر في 18-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 18-02-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار «خلال عملية التحقيق، أصبنا بالصدمة البالغة حيال الدمار الذي حدث خلال السنوات السبع الماضية، والناتج عن الاجراءات المفرطة والعدائية في اطار مكافحة الارهاب في العديد من الدول، حيث لم تستوعب الكثير من الحكومات دروس التاريخ، وسمحوا لأنفسهم بأن ينجرفوا وراء ردود فعل مستعجلة للتعامل مع الارهاب، مما ادى الى تدمير قيم راسخة وانتهاكات صارخة لحقوق الانسان».

هكذا علق القاضي آرثر كاسكالسون قاضي المحكمة العليا السابق في جنوب إفريقيا ورئيس فريق العمل الذي كانت اللجنة الدولية للحقوقيين قد شكلته منذ ثلاث سنوات، للتحقيق في تأثير الاجراءات المتخذة ضد الارهاب على سيادة القانون، وحقوق الانسان.

وقد كشف التقرير المكون من ثمانية قضاة ومحامين واكاديميين، التدهور والتراجع الذي حدث على المستوى الدولي نتاجا لاجراءات مكافحة الارهاب، والتي استخدمتها الدول في كل بقاع الارض ومن دون استثناء، وكان ابرز تلك الاجراءات التعذيب والاختفاءات والاعتقال السري والتعسفي والمحاكمات غير العادلة، واستمرار الإفلات من العقاب للمتسببين في تلك الجرائم من منتسبي تلك الحكومات.

وقد نبه التقرير الى خطورة ان تتحول تلك الاجراءات، التي طالما يتم نعتها ووصفها بالاستثنائية والمؤقتة، الى اجراءات دائمة في القانون وفي الممارسة. وتعود اهمية التقرير الى أنه اول تقرير من نوعه يكشف، ومن خلال إفادات ومقابلات مع ضحايا ومسؤولين حكوميين ومحامين وجمعيات غير حكومية، وحضور محاكمات واطلاع على وثائق، الصورة البشعة لاوضاع حقوق الانسان تحت مبرر ومسوغ مكافحة الارهاب.

وقد أشار التقرير الى الانحراف الملحوظ لدول ديمقراطية، وبالذات الولايات المتحدة وبريطانيا، عن مبادئ راسخة كسيادة القانون، الى ممارسات وقوانين يتم من خلالها العدوان على تلك المبادئ.

وتعود خطورة هذا المنهج الى ان دولا غير ديمقراطية اندفعت دون حدود في ممارستها اللاانسانية بغطاء غربي، فالغرب والشرق قد التقيا أخيراً.

ودعا التقرير الى رفض منهج الحرب على الارهاب الذي ساد الدنيا خلال السنوات السبع الماضية، مؤكدا ان قوانين العدالة الجنائية وسيادة القانون واحترام كرامة الانسان تمثل منظومة كافية للتعامل مع الارهاب.

ودعا التقرير الى الاستفادة من الظروف السياسية الراهنة للقيام بجملة اصلاحات كفرصة اخيرة لانقاذ العالم من مزيد من الانجراف في ترسيخ مفاهيم تقوض قيم المنظومة الدولية لحقوق الانسان، كما رأى التقرير في التغير الذي طرأ على الحكومة الأميركية بوادر أمل في انقاذ ما يمكن انقاذه.

تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين بتفاصيله مخيف، حيث شمل 40 دولة من كل أركان العالم، ولئن كنا نعلم ما هي الدول التقليدية التي تنتهك حقوق الانسان في منطقتنا ودول العالم الثالث، فإن ما يدعو الى القلق هو أن تقود دول غربية هذا التوجه دون إخفاء، وهو ما كانت تقوم به سابقا.

back to top