الزمهلويّة... استثمار جديد لعالم كرة القدم!

نشر في 15-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 15-10-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين كثيراً ما شاهدنا محاولات للاستفادة المتبادلة بين عالم السينما بتأثيره وبريقه الخاص، وعالم الرياضة، خصوصاً كرة القدم، بنجومه وحضوره الواسع!

لعلّ أنجح المحاولات، نسبياً، في السينما المصرية للاستفادة من أسماء لامعة في ميدان الكرة، قيام أحد أعلام النادي الأهلي والرياضة اللاعب صالح سليم ببطولة «الشموع السوداء»، إخراج عز الدين ذو الفقار، و«الباب المفتوح»، إخراج هنري بركات، عادل هيكل في «إشاعة حب»، إكرامي في «رجل فقد عقله»... كذلك نجد أفلاماً استلهمت حياة اللاعبين والمواقف التي يمرون بها، يُعتبر من أنضجها كوميدياً «غريب في بيتي»، إخراج سمير سيف.

يعرض في هذا الموسم فيلم «الزمهلوية»، فكرة أشرف فايق وإخراجه، تأليف عصام حلمي، تصوير محمد شفيق، مونتاج أمير أحمد، موسيقى عمرو إسماعيل.

الفيلم كوميديا تغلب عليها مبالغات وهزليات «الفارس»، تدور أحداثه كلها، من البداية إلى النهاية، ضمن «فكرة» المنافسة والتعصّب بين جمهور الناديين (الأكبر) في مصر «الأهلي» و«الزمالك»، وفق تيمة تحاكي «روميو وجولييت» (على نحو باهت) من حيث تصوير قصة حب بين شاب من «عائلة زملكاوية» هو حسن (أحمد عزمي) وفتاة من «عائلة أهلوية» هي عبير (بشرى)، تتكون الأولى من الأب، كبير مشجعي الزمالك (صلاح عبد الله) وزوجته (انتصار) وابنتهما (هبة السيسي) إلى جانب حسن، والثانية، من الأب، كبير مشجعي الأهلي (عزت أبو عوف) وزوجته (هالة فاخر) وابنته أيضاً إلى جانب عبير.

كان يمكن أن يُنسج حول تلك الفكرة عمل كوميدي أو فكاهي طريف، أكثر نضجاً من فيلم «الزمهلوية» الذي شاهدناه، خصوصاً مع توافر الممثلين الجيدين، علاوة على الفكرة أو التيمة الجاذبة للجمهور.

لكن ما أعاق الفيلم، عدم القدرة على صياغة سيناريو متماسك ويتسم بالحيوية، والإخراج التقليدي غير القادر على الاستفادة من جاذبية الفكرة أو إمكانات ممثلين مقتدرين بموهبة هالة فاخر وصلاح عبد الله وانتصار وأحمد عز وغيرهم... أو حتى الاستفادة من حضور «نجوم» كرة القدم اللامعين من الناديين في مشاهد عدة من الفيلم (عمرو زكي، عصام الحضري، خالد بيبو، محمد شوقي وغيرهم).

يدور الفيلم حول تعصّب كل عائلة لفريقها، ما يعوق قصة الحب ويؤدي إلى أن تخفي الزوجة عن زوجها على مدار سنوات تشجيعها الحقيقي للفريق الآخر، إلى أن تنفرج تلك «العقدة» في النهاية، من دون مقدمات كافية، فيعود الرشد وعدم الغلو إلى العائلتين خصوصاً الأهل، ويعلن هؤلاء عن موافقتهم على زواج حسن وعبير.

لا بأس عندنا من وجود أفلام خفيفة، أو حتى أعمال كوميدية تنتهج «الفارس» وتوظّفه، شرط أن يكون ذلك بوعي فني لصنع أعمال متماسكة جذابة، تحقّق متعة فنية وتسلية من دون ضعف أو إسفاف.

نجا «الزمهلوية» إلى حد ما من الإسفاف لكنه لم ينج من الضعف، ولم يكن ما حققه أصحابه في نهاية المطاف على مستوى ما طمحوا إليه أو ما تهيأ له المشاهد! ستستمر السينما والرياضة في محاولات الاستفادة المتبادلة واقتراب كلتيهما من الأخرى، وبطبيعة الحال ستتفاوت المستويات والنتائج. يؤكد «الزمهلوية» حقيقة أنه لا تكفي أبداً جاذبية الفكرة من دون توفيق في تجسيدها، ولا يكفي وجود مواهب تمثيل لمخضرمين مقتدرين أو شباب واعد، أو حتى ظهور نجوم كرة يتمتعون بشعبية وإعجاب واسع... المهم هو المقدرة على صنع سينما حقيقية بدراما حقيقية وإخراج حقيقي، حتى لو اكتفى الفيلم بمجرد التعبير عن أفكار إنسانية بسيطة ولم يهدف أصحابه إلى أكثر من صنع فيلم خفيف طريف وجيد.

حتى ذلك لا يقدر عليه الجميع، ولا تقدمه السينما المصرية المعاصرة إلا نادراً أو قليلاً.

back to top