إذا لم تكن العملية العسكرية الأميركية على بلدة البو كمال السورية عدوانا صارخا على سيادة بلد واستهتارا بكل الاعراف الدولية فماذا تكون ؟!

Ad

اذا لم تكن العملية العسكرية الأميركية على هذه البلدة الوادعة والبعيدة آلاف الأميال عن عاصمة البلد المعتدي نموذجا لإرهاب الدولة المنظم فماذا تكون؟!

إذا لم تكن العملية العسكرية هذه اعتداء على مدنيين أبرياء بينهم أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم بوغتوا على طريقة «ثقافة» الكاوبوي في الإبادة الجماعية المليونية التي لحقت بالسكان الأصليين للقارة الأميركية -أي الهنود الحمر- على حين غرة، عملية جبانة يندى لها جبين الإنسانية ويجب أن يحاكم عليها فاعلوها ويحكم عليهم بالقتل على قاعدة «العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم» فماذا تكون؟!

وأخيرا وربما ليس آخرا، إذا لم تكن جريمة قتل المدنيين في بلدة البوكمال السورية الآمنة إشارة صريحة وواضحة ووقحة من جانب المحتل الأميركي للحكومة العراقية وبرلمانها أولا، ولدول الجوار العراقي ثانيا، وفي مقدمها سورية وإيران ولسائر دول العالم ثالثا بأن إدارة بوش تتخبط في أيامها الأخيرة، وتريد فرض الاتفاقية الأمنية على العراقيين وجيرانهم بالأمر الواقع فماذا تكون؟!

إن كل العلائم والمؤشرات التي سبقت هذه العملية تشير بوضوح إلى أن أميركا الضعيفة والخائرة القوى والمنهكة والتي خسرت الحرب في العراق لا تريد الخروج من هذا البلد الجريح والمستنزف باتفاقية تحفظ للعراقيين سيادتهم وكرامتهم واستقلالهم كما تدعي!

فالإدارة الأميركية الراحلة تعيش هذه الأيام تخبطا شديدا واكتئابا حادا، وهي ترى أنه رغم كل الذي فعلته في العراق من تقتيل وحروب إبادة من جهة، وإفساد وتفسيد لطبقة سياسية جديدة هي بطانتها التي أتت بها مع أيام الغزو الأولى من جهة ثانية، يكاد يذهب هباء مع إجماع عراقي يتبلور شيئا فشيئا ويوما بعد يوم حول ضرورة طرد أميركا من العراق وجلاء قواتها دون مقابل!

بالمقابل فإن بطانة الاحتلال الصغيرة العدد والقليلة العدة، ورغم كل «التسمين» الأميركي لها تشعر بهلع يوازي هلع عملاء سايغون، أو فزع رموز حكومة فيشي مع كل يوم يقترب فيه أجل فرار المحتل، وانسحابه المستعجل وغير المنظم، كما هو مرتقب بعد مغادرة الإدارة الحالية سدة الحكم في واشنطن بعد نحو شهرين من الآن!

على وقع مثل هذه الأجواء جاءت عملية البوكمال السورية في محاولة يائسة من جانب قوات الاحتلال الأميركية لنفخ الروح في اتفاقية ماتت قبل ولادتها، تماما كما حصل لاتفاقية 17 مايو اللبنانية الشهيرة التي حاول بعض ضعاف النفوس من أمثال بطانة المحتل الأميركي في العراق فرضها يوما على لبنان!

إن مثل هذا العمل قد يتكرر مع سورية أو حتى مع دول أخرى مجاورة للعراق قبل أن ترحل الإدارة الأميركية الحالية، ولكن بدرجة مغامرة عالية هذه المرة، لكنه لن يقدم أو يؤخر من حقيقة أن العراق سيبقى عراق العروبة والإسلام وعراق العمق الاستراتيجي لجارته سورية وعراق الصداقة مع إيران الدولة المسلمة الجارة، وإنهما الدولتان الباقيتان هنا على الخارطة هما وسائر دول الجوار العراقي رغم أنف الحاقدين والمشعوذين من زبانية الرقص على حبال الأجنبي، فيما المحتل الطارئ سيرحل عاجلا أو آجلا، وبخفي حنين، مهما تشبث بوسائل القمع والقتل وجرائم الإرهاب المنظم، أو استعمل طرائق جديدة في الإغراء أو الحيلة والخداع، وإن غدا لناظره قريب!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني