أخلاقنا السياسية... إلى أين؟ ليس في تقاليدنا السياسية قوة تضغط ضد من يمارسون الفساد
الأخلاق منظومة عامة تشمل سلوكنا السياسي والاجتماعي، وتحدد طريقة تعاملنا مع الأنظمة المرعية، ومع الثروات، وبعضنا مع بعض، ويشكل كل من التربية والتقاليد وطبيعتهما الرحم الذي تنمو فيه تلك المنظومة.
لماذا تجرأ بعض أعضاء مجلس الأمة، الآن وفي السابق، ووزراء بعد تركهم الوزارة إلى وصف الأجواء التي عملوا فيها بأنها فاسدة أو صرحوا علانية بأن أعضاء في هذا الفريق أو ذاك فاسدون.ولماذا يتحاشى الكثير منا الحديث عن فساد الطبقة السياسية، وتداول «الخلق» السائد في الحياة السياسية الكويتية ممثلة في مؤسسة البرلمان والجهاز التنفيذي للدولة؟ وما علاقة التربية العامة والتقاليد بالخلق السياسي، والاجواء الفاسدة؟ليس في حياة الكويت السياسية تقليد سائد، أو ثقافة متوارثة لاسقاط العقاب على الذين يمارسون الفساد السياسي والمالي، وثقافة الاستقالة هي الأخرى ضعيفة، وتمارس من أجل الانقاذ وحفظ «كرامات الأشخاص»، وليس من أجل تحقيق العدالة وتقوية القانون وإعادة هيبته، ولنا في طريقة السلطة التنفيذية على مر سنوات مضت أمثلة عديدة في تحقيق مبدأ «حفظ الأشخاص» وانتهاك العدالة! ومثال ذلك أعراف تكررت مثل: التدوير الوزاري أو الطلب من المخطئين الاستقالة وليس الاقالة.البرلمان هو الآخر مصاب بالفساد، وهنا الخطورة، فهو معقل للتشريع القانوني والرقابة على تنفيذ القوانين وسلوك الجهاز التنفيذي، ويتخذ الفساد مرتعا في هذه المؤسسة المهمة من خلال صور متعددة كالتشريع الفاسد، ونقصد به المخالف لمواد صريحة للدستور، أو قبض أثمان لمواقف سياسية محسوبة مسبقا، أو السكوت عن الفساد، ويضاف إلى ذلك عدم الوعي بوظيفة عضو البرلمان وهو نوع من أنواع الفساد، حيث يجر وظيفة التشريع والرقابة إلى غير موقعها المحدد.اعضاء الجهاز التنفيذي والتشريعي معا هم ابناء المجتمع، الذي يتصف بأمراض تنتشر في الطبقة السياسية، وتجد صورا مفضوحة في عملها وحركتها اليومية، و«أبناء المجتمع» هم من صنع نظام تربوي عام وتعليمي معروف المعالم، لا يشجع على احترام القانون وتطبيقه بعد تشريعه.ويقع «أبناء المجتمع» هؤلاء في حد من التناقض المفضوح، حيث يقومون بكسر القانون والثأر منه من قبل الأجهزة التي شرعته، وخير مثال على ذلك جهاز البلدية الذي يغرق في الفساد والتجاوزات في نواح عديدة منها الصغير من حيث تأثيره في محيطه (رخص البناء والنسب المقررة)، ومنها الكبير (مثل مسألة النظافة العامة للمدنية والضواحي) وهناك أيضاً تناقضات يرتكبها الجهاز التشريعي من خلال إلغاء تطبيق القوانين التي يشرعها، وضربها عرض الحائط دون أدنى وعي بمسألة التقاليد القانونية ومنها احترام التشريع مثال ذلك استشراء ظاهرة بيع الأصوات الانتخابية في معظم المؤسسات التي تجري فيها عمليات اقتراع كمجلس الأمة والمجلس البلدي والنوادي الرياضية، وذلك على الرغم من تجريم القانون لهذه الممارسات، ويسري ذلك على ممارسة الانتخابات الفرعية المجرمة بتشريع أقره أعضاء المجلس، وقيام بعض الاعضاء بتبني تشريعات فئوية، أو مصلحية واستخدام الأدوات الدستورية المقررة لعضو البرلمان من أجل الانتقام أو تلزيم منافع معينة لجهة ما.ولا يمكن الفصل في الحديث عن الأخلاق بين بيئة العمل السياسي والبيئة الاجتماعية وتأثيراتهما المتبادلة فما نجده سائداً في بيئة العمل السياسي من فساد واستغلال السلطة من أجل منفعة محققة يلقي بظلاله مباشرة على سلوك الأفراد الاجتماعي، ويتمثل ذلك في صور مختلفة منها استسهال ممارسة بعض الآفات الاجتماعية، وإزدراء القانون، والتقليل من قيمة المؤسسات التي يفترض أنها تحمي الأفراد وترعى شؤونهم، وضعف لحمة العلاقات الأسرية، إذ إن المواطن غالباً ما يتطلع الى القدوة التي تتمثل في الأشخاص الذين يديرون حمايته اليومية، ويخططون له من خلال توظيف الثروات المتاحة، وبمناسبة الحديث عن القدوة فإنه لا يجب تفويت الربط بين ما يحدث من سلوكيات وممارسات أثناء انعقاد جلسات مجلس الأمة مثل استخدام العنف والالفاظ الشائنة، وبين العنف الذي يحدث في انتخابات الطلبة الجامعيين أو النوادي الرياضية، فمجلس الأمة هنا يمثل للمؤسسات الأدنى قدوة!صور الفساد السياسي في الكويت1 - عدم تطبيق كثير من القوانين التي يشرعها المجلس أو الحكومة والتمييز في تطبيق بعضها الآخر على فئة دون اخرى. 2 - تراجع مكانة مؤسسات الدولة في مؤشر الفساد العالمي.3 - الرشوة والواسطة والمحسوبية.4 - ضعف ثقافة الاستقالة والمحاسبة.5 - استغلال السلطة والنفوذ لتحقيق مصالح فئوية لا تتفق مع القانون من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية.6 - ضعف التربية القانونية لدى السواد الاعظم من الناس، واهتزاز الثقة بالمؤسسات.7 - المال السياسي.8 - ضعف مفهوم حرمة المال العام.9 - تنامي ظاهرة الثراء السريع.10 - ازدواجية وتناقض السلوكيات السياسية مع القوانين والمبادئ الشرعية.11 - كذب المسؤولين.