الديمقراطية ضرورة وليست خياراً، وهذه الانتخابات هي فرصة لتصحيح الأوضاع، ففي 16 مايو إما أن نعزف عن المشاركة فيها ونبقي الواقع كما هو، وإما أن نشارك ونختار التغيير والتجديد.

Ad

من المفترض نظرياً وعملياً أنه عندما جرى تبني الديمقراطية كنظام حكم كان الهدف هو إنهاء تعسف السلطة واحتكار المزايا وهدر كرامة الإنسان، إذ تعمل الديمقراطية على ترشيد الحكم والإدارة عبر تضمين أكبر قدر ممكن من الآراء المتنوعة في إصدار القوانين والقرارات والمواقف حتى تكون أقرب إلى تمثيل الناس بتنوع آرائهم وخلفياتهم وتلامس همومهم وتعالج مشاكلهم، ولولا هذه الإيجابيات لما ناضلت وكافحت الشعوب في سبيل الحصول على الحرية والديمقراطية.

وبعكس الدكتاتورية والشمولية، تتميز الديمقراطية بأنها تجنح إلى الاستدامة بطبيعتها، إذ يكفي إعطاؤها الفرصة والوقت مع بعض الحدود الدنيا من الضمانات حتى تتطور ذاتياً وتلقائياً، ولذلك يقال إن إصلاح الديمقراطية لا يتم إلا بمزيد من الديمقراطية. وتاريخ التطور السياسي في الكويت حافل بالأمثلة على قدرة الديمقراطية على الصمود أمام كل محاولات وأدها، بدءاً بمجلسي 38 و39، ومروراً بتزوير انتخابات 67 والانقلابين على الدستور في 76 و86 والغزو، وانتهاءً بحرمان المرأة من حقها السياسي وتخريب الدوئر الانتخابية.

بفضل ممارساتهم السلبية استطاع بعض السياسيين في الكويت تحويلها إلى غير ما جاءت من أجله، ومثال على ذلك هو البدعة الحكومية بإيقاف إجراءات التوظيف والتعيينات والتنقلات والانتدابات للموظفين في القطاع الحكومي أثناء فترة الانتخابات حتى لا تتسلل إليها الواسطات وتقديم الخدمات للحصول على الأصوات، أليس ذلك محزناً؟ منذ متى أصبحت الانتخابات، وهي التي تجسد أسمى صور الديمقراطية، مناسبة لتعطيل مصالح الناس؟ فهناك قصص فردية كثيرة حول هذا الموضوع، إحداها تلك التي ذكرها مرشح الدائرة الأولى وسمي الوسمي في مقابلة تلفزيون «الراي» يوم الثلاثاء الماضي عن الشاب الموعود بوظيفة حكومية ترك من أجلها وظيفته الحالية، وأثناء تخليص إجراءات توظيفه تم حل المجلس وأوقفت الحكومة التوظيف حتى تنتهي الانتخابات. لقد أصبحت لدينا قدرة فائقة على تخريب كل ما هو جميل وهادف.

أرجو ألا يُفهم من كلامي أنني من ضمن مَن كفروا بالديمقراطية أو ممَن قرروا العزوف عن الانتخابات، فالديمقراطية ضرورة وليست خياراً، وهذه الانتخابات هي فرصة لتصحيح الأوضاع، ففي 16 مايو إما أن نعزف عن المشاركة فيها ونبقي الواقع كما هو، وإما أن نشارك ونختار التغيير والتجديد. وتغيير الواقع السيئ لا يمكن أن يتحقق باختيار نفس الأشخاص الذين صنعوه. لذلك هي فرصتنا جميعاً لإعادة الديمقراطية لأهدافها الأصلية كوسيلة لحفظ الحقوق وتسيير مصالح الناس. فالديمقراطية ضرورة، والمشاركة في الانتخابات واجب واطني، واختيار المرشحين أصحاب الطرح الوطني مسؤولية.