كنا مجموعة من الشعراء الصعاليك نقترف الاماني، والاماني كما تعرفون هي (رياح الفقر!!) وسلعة الفقراء، فقال احدنا: ماذا لو فكر بوضعنا البائس امير عربي شهم أو ثري نبيل، وجمع كل شعراء العرب المبدعين ووضعهم في جزيرة رائعة تزدان بالورد والاشجار والبلابل والرياحين، ووفر لهم كل وسائل المتعة والراحة، واطلق لهم الحرية الكاملة للابداع، وكفى عائلاتهم ذلّ الحاجة والسؤال وأمّن لاولادهم المدارس والتأمين الصحي والسكن الملائم للآدميين، ثم اقام ادارة ثقافية في الجزيرة المفترضة مهمتها متابعة النتاجات الابداعية لأولئك الشعراء، ثم تولت دار نشر «نظيفة» لا تخضع للرقابة والمحو والإلغاء طبع دواوينهم ونصوصهم المبدعة، ثم قامت بعد ذلك بتسويق تلك الاصدارات بطريقة متقنة تصاحبها الاعلانات المكثفة بكل وسائل الاعلام، او لا بأس ان يكون لهم اعلامهم الخاص، باعتبار ان الامر مجرد «أماني بأماني» لا غير!! ثم قامت بتوزيع العائد على هذه المخلوقات «الكسولة» التي لا تجيد سوى «حلو الكلام» وجعلتها تعتاش من عرق جبينها فحسب، ثم لا بأس ان يقوم ذلك الامير المحسن او الثري بمحاسبة كل شاعر على حجم العطاء، ولا بأس ايضا ان «يقتطع» لنفسه نصف الريع.

Ad

***

تذكرت تلك الاماني الطوباوية وانا اقرأ في الأمس خبرا عن لؤلؤة الخليج دبي، بأنه سيقام فيها مهرجان دولي لتعزيز التواصل الثقافي بين شتى الثقافات، وقد ذكر بيان صادر عن هيئة دبي للثقافة والفنون، ان هذه الخطوة تأتي في اطار استراتيجية العمل الثقافي في دبي تحت مظلة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ومما زاد ابتهاجي بهذا الخبر الذي يقترب كثيرا من تلك الاماني التي كان يحلم بها الشعراء العرب قبل عدة سنوات، اقول ان مبعث ابتهاجي ان راعي هذا العمل الاستراتيجي هو رجل تعوّد ان يجعل من الحلم حقيقة ومن الامنية واقعا، بفضل رؤيته البعيدة التي لا تُحَد، وأعني بذلك سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (كثّر الله من أمثاله في وطننا العربي... آمين).

ولذا فإن تلك الاماني التي كانت مستحيلة في الأمس، قد تكون مجسدة كواقع على الارض، حينما رشّح لها الزمان رجلاً مثل هذا الشيخ النبيل، فلم لا يفعلها سمو الشيخ؟!